للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

معنى وبعض من لا يسترقون وهم الرهبان على ما سنرى.

ولما كان الحنفية لا يجيزون المن والفداء، فان من لا يقتلون ممن سلف يرقون بذات الاسر حتما، وهم قد يرقون لجماعة المسلمين أو للآسر على ما سنرى من أحكام الاسترقاق، الا اذا كانوا ممن لا يجوز استرقاقهم.

وقد تأتى القول عندهم بعدم المن والفداء من وجوه.

منها قولهم (١) بنسخ آية المن والفداء بقوله تعالى «فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ} (٢)» وقوله تعالى «قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ» (٣) فالقتل مأمور به ولا يجوز تركه الى الاسترقاق.

وقالوا: ان منّ النبى صلّى الله عليه وسلّم على أسارى بدر كان باجتهاده وعوتب فيه بقوله سبحانه وتعالى «لَوْلا كِتابٌ مِنَ اللهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ» (انظر فداء).

[مذهب المالكية]

ولما كان المالكية يجيزون المن والفداء لقوله تعالى «فَإِمّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمّا فِداءً» (٤) ولفعله صلّى الله عليه وسلّم مع أسارى بدر وغيرهم، وذلك اذا رآه الامام باجتهاده قبل القسمة، فان الاسارى لا يرقون عندهم بذات الاسر ولو كانوا ممن لا يجوز قتلهم اذا أسروا، وهم المرأة والصبى الا اذا قاتلا فعلا وباشرا السلاح - لا غيره كالرمى بالحجارة - وقتلا أحد المسلمين.

فى رأى، أو لم يقتلا فى رأى آخر، والمجنون جنونا مطبقا - على أية حال، وكذلك المعتوه والشيخ الفانى الذى لا قدرة له على القتال، والاعمى والزمن، وهو العاجز أو المريض باقعاد أو شلل أو نحو ذلك (٥).

[مذهب الشافعية]

الشافعية ولو أنهم يجيزون المن والفداء لما تقدم من أسباب عند المالكية، الا أنهم يفرقون بين صنفين من الاسارى (٦)


(١) كتاب السير الكبير للامام محمد تحقيق الدكتور صلاح المنجد - معهد المخطوطات بجامعة الدول العربية - ١٩٥٨ - وبدائع الصنائع المرجع السابق ح‍ ٧ ص ١١٩، ١٢٠.
(٢) الاية رقم ٥ سورة التوبة.
(٣) الاية رقم ٢٩ سورة التوبة.
(٤) الآية رقم ٤ من سورة محمد.
(٥) حاشية الدسوقى على الشرح الكبير طبعة عيسى البابى الحلبى ج‍ ٢ ص ١٧٦ ومواهب الجليل بشرح مختصر خليل للحطاب ج‍ ٣ ص ٣٥١ مطبعة السعادة بالقاهرة الطبعة الأولى سنة ١٣٢٨. وشرح الخرشى على مختصر خليل ج‍ ٣ ص ١٢١ الطبعة الثانية المطبعة الأميرية.
ومواهب الجليل للحطاب ح‍ ٣ ص ٣٥٩ المرجع السابق.
(٦) الأم للامام الشافعى ح‍ ٤ من ص ١٤٤ الى ٢٦٢، ٢٨٧، مكتبة كليات الازهر اشراف محمد زهدى النجار سنة ١٩٦١. والمهذب للفيروزابادى الشيرازى ج‍ ٢ ص ٢٣٣ مطبعة عيسى البابى الحلبى ونهاية المحتاج للرملى ح‍ ٨ ص ٦١، ص ٦٥ مطبعة مصطفى البابى الحلبى.