للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يا رسول الله فكيف اذنها؟ قال أن تسكت وفى رواية عن عائشة أنها قالت يا رسول الله ان البكر تستحى قال رضاها صمتها متفق عليه وفى رواية تستأمر اليتيمة فى نفسها فان سكتت فهو اذنها. وهذا صريح فى غير ذات الاب والاخبار فى هذا كثيرة ولان الحياء عقلة على لسانها يمنعها النطق بالاذن ولا تستحى من ابائها وامتناعها فاذا سكتت فهو اذنها. واذا سكتت غلب على الظن أنه كرضاها فاكتفى به.

فاذا أذنت بالنطق فهو أبلغ وأتم. وان ضحكت أو بكت فهو بمنزلة سكوتها لما روى أبو بكر باسناده عن أبى هريرة قال:

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تستأمر اليتيمة

فان بكت (١) أو سكتت فهو رضاها وان أبت فلا جواز عليها. ولانها غير ناطقة بالامتناع مع سماعها للاستئذان فكان أذنا منها كالصمات والضحك والبكاء يدل على فرط‍ الحياء لا على الكراهة ولو كرهت لامتنعت فانها لا تستحى من الامتناع والحديث يدل بصريحه على أن الصمت اذن وبمعناه على ما فى معناه من الضحك والبكاء ولذلك أقمنا الضحك مقامه.

ومن (٢) ذهبت بكارتها بغير الوط‍ ء كالوثبة أو شدة حيضة أو اصبع أو عود فحكمها حكم الابكار ذكره ابن حامد لانها لم تتخير المقصود ولا وجد وطئوها فى القبل فاشبهت من لم تزل عذرتها واذا زوجت التى يعتبر أذنها بغير اذنها فالنكاح باطل فى أصح الروايتين عن أحمد وفى رواية يكون موقوفا على أجازتها واجازتها بالنطق أو ما يدل على الرضا من التمكين من الوط‍ ء أو المطالبة بالمهر والنفقة ولا فرق فى ذلك بين البكر والثيب، لان أدلة الرضا تقوم مقام النطق به ولذلك قال النبى صلى الله عليه وسلم لبريرة «ان وطئك زوجك فلا خيار لك» جعل تمكينها دليلا على اسقاط‍ حقها والمطالبة بالمهر والنفقة والتمكين من الوط‍ ء دليل على الرضا لان ذلك من خصائص العقد الصحيح فوجوده من المرأة دليل رضاها.

مذهب الظاهرية: (٣)

كل ثيب اذنها فى نكاحها لا يكون الا بكلامها بما يعرف به رضاها لقوله صلى الله عليه وسلم «لا تنكح الايم حتى تستأمر».

وكل بكر لا يكون اذنها فى نكاحها الا بسكوتها فان سكتت فقد أذنت ولزمها النكاح. فان تكلمت بالرضا أو بالمنع أو غير ذلك فلا ينعقد بهذا النكاح عليها.

لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أبطل النكاح عن البكر ما لم تستأذن فتسكت وأجازه اذا استؤذنت فسكتت بقوله:


(١) المرجع السابق.
(٢) المغنى ج‍ ٧ ص ٣٦٧، ٣٦٨.
(٣) المحلى لابن حزم ج‍ ٩ ص ٤٧١.