للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[إفساد]

[التعريف اللغوى]

افساد مصدر فعله أفسد المزيد بالهمزة فى أوله، فأصل مادته فسد. يقال: فسد اللحم أو اللبن أو نحوهما يفسد - بضم السين - فسادا اذا أنتن أو عطب، ويقال فسد العقد ونحوه اذا بطل، وفسد الرجل جاوز الصواب والحكمة، وفسدت الأمور اضطربت وأدركها الخلل وعلى ذلك قول الله عز وجل «لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلاَّ اللهُ لَفَسَدَتا} (١)» والفساد الجدب والقحط‍ قال الله عز وجل «ظَهَرَ الْفَسادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِما كَسَبَتْ أَيْدِي النّاسِ} (٢)» والفساد الحاق الضرر قال الله عز وجل «وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَساداً} (٣)» وزيدت الهمزة فى أوله لتفيد التعدية تقول أفسد الرجل الشئ جعله فاسدا، وقد لا يفيد التعدية ويظل الفعل معها لازما بمعنى فعل يقال أفسد الرجل اذا فسد (٤).

[التعريف فى اصلاح الفقهاء]

لا يكاد التعبير الفقهى بكلمة افساد يخرج بها على المعنى اللغوى، فهى تارة بمعنى اصابة الشئ بالعطب، وتارة بمعنى الابطال وأخرى تأتى بمعنى ايقاع الاضطراب والخلل ومرة بمعنى الحاق الضرر. وجاء فى المستصفى أن الفاسد مرادف للباطل فى اصطلاح أصحاب الشافعى رضى الله تعالى عنهم فالعقد اما صحيح وأما باطل وكل باطل فاسد. وأبو حنيفة رحمه الله تعالى أثبت قسما آخر فى العقود بين البطلان والصحة وجعل الفاسد عبارة عنه وزعم أن الفاسد منعقد لافادة الحكم لكن المعنى بفساده أنه غير مشروع بوصفه والمعنى بانعقاده أنه مشروع بأصله كعقد الربا فانه مشروع من حيث أنه بيع وممنوع من حيث أنه يشتمل على زيادة فى العوض فاقتضى هذا درجة بين الممنوع بأصله ووصفه جميعا وبين المشروع بأصله ووصفه جميعا فلو صح له هذا القسم لم يناقش فى التعبير عنه بالفاسد ولكنه ينازع فيه اذ كل ممنوع بوصفه فهو ممنوع بأصله (٥).

[ما يفسد الماء وما لا يفسده]

[مذهب الحنفية]

جاء فى المبسوط‍ أن لعاب ما لا يؤكل لحمه من الدواب والسباع يفسد الماء لما روى أن ابن عمر وعمرو بن العاص رضى الله تعالى عنهما وردا حوضا فقال عمرو بن العاص: يا صاحب الحوض أترد السباع ماءكم هذا؟ فقال ابن عمر رضى الله تعالى عنهما: يا صاحب الحوض لا تخبرنا. فلولا أنه كان اذا أخبر بورود السباع يتعذر عليهم استعماله لما نها عن ذلك.

والمعنى فيه أن عين هذه الحيوانات مستخبث غير طيب فسؤرها كذلك كالكلب والخنزير وهذا لأن سؤرها يتحلب من عينها كلبنها، ثم لبنها حرام غير مأكول فكذلك سؤرها وهو القياس فى


(١) الآية رقم ٢٣ من سورة الأنبياء
(٢) الآية رقم ٤١ من سورة الروم
(٣) الآية رقم ٣٣ من سورة المائدة
(٤) المعجم الوسيط‍ ج ٢ ص ٦٩٥ مادة فسد، ولسان العرب ج ٤ ص ٣٣٢ نفس المادة والقاموس المحيط‍ ص ٣٢٣ نفس المادة
(٥) المستصفى من علم الاصول لأبى حامد الغزالى ج‍ ١ ص ٩٤، ٩٥ ومنه كتاب قوائم الرحموت لشرح مسلم الثبوت للامام الشيخ محب الدين بن عبد الشكور الطبعة الأولى طبع المطبعة الأميرية ببولاق مصر سنة ١٣٢٢ هـ‍