للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فى باب الشركة تغيير حكم الشرع لأنها لا يقابلها عند انعقاد الشركة عليهما عوض ولهذا يتعينان فى الهبات والوصايا ومما يبطل الشركة فوات المساواة بين رأس المال فى شركة المفاوضة بالمال بعد وجودها فى ابتداء العقد لأن وجود المساواة بين المالين فى ابتداء العقد كما هو شرط‍ انعقاد هذا العقد على الصحة فبقاؤها شرط‍ بقائها منعقدة لأنها مفاوضة فى الحالين فلا بد من معناها فى الحالين وعلى هذا يخرج ما اذا تفاوضا والمال مستوى ثم ورث أحدهما ما لا تصح فيه الشركة من الدراهم والدنانير وصار ذلك فى يده انه تبطل المفاوضة لبطلان المساواه التى هى معنى العقد.

وان ورث عروضا لا تبطل وكذا لو ورث ديونا لا تبطل ما لم يقبض الديون لأنها قبل القبض لا تصلح رأس مال الشركة وكذا لو ازداد أحد المالين على الآخر قبل الشراء بأن كان أحدهما دراهم والآخر دنانير فان زادت قيمة أحدهما قبل الشراء بطلت المفاوضة لما قلنا لأن عقد الشركة يقف تمامه على الشراء فكان الموجود قبل الشراء كالموجود وقت العقد كالبيع لما كان تمامه بالقبض كان هلاك المبيع قبل القبض كهلاكه وقت العقد والزيادة وقت العقد تمنع من الانعقاد فاذا طرأ عليه يبطله.

قال محمد وكذلك لو اشترى بأحد المالين ثم ازداد الآخر لأن الشركة لا تتم ما لم يشترط‍ المال فصار كأن الزيادة كانت وقت العقد فان زاد المال المشترى فى قيمته كانت المفاوضة بحالها لأن تلك الزيادة تحدث على مالكها لأنها ربح فى المال المشترى فلا يفضل أحدهما على الآخر.

قال محمد رحمه الله تعالى القياس اذا اشترى بأحد المالين قبل صاحبه أنه تنتقض المفاوضة لأن الألف التى لم يشتر بها بقيت على ملك صاحبها وقد ملك صاحبها نصف ما اشتراه الآخر فصار ماله أكثر فينبغى أن تبطل المفاوضة الا أنهم استحسنوا وقالوا لا تبطل لأن الذى اشترى وجب له على شريكه بنصف الثمن دينا فلم يفضل المال فلا تبطل المفاوضة (٢).

[مذهب المالكية]

جاء فى مواهب الجليل أن حكم الشركة ابتداء الجواز فان انعقدت لزمت.

قال ابن عرفة رحمه الله تعالى وحكمها الجواز لجزئتها البيع والوكالة وعروض ما يوجبها بعيد بخلاف موجب حرمتها وكراهتها.

قال صاحب مواهب الجليل وأما لزومها بعد العقد ففيه طريقان.

قال ابن عبد السّلام رحمه الله تعالى فى شركة الأموال المذهب لزومها بالعقد دون الشروع واختلف فى شركة الحرث هل هى كشركة الأموال وهو قول سحنون رحمه الله تعالى أو لا تلزم الا بالعمل وهو قول ابن القاسم رحمه الله تعالى.

وقال ابن عرفة قول ابن عبد السّلام أن المذهب لزوم الشركة بالعقد دون الشروع هو مقتضى قول ابن الحاجب يجوز التبرع بعد العقد بخلاف قول ابن رشد رحمه الله تعالى فى سماع ابن القاسم انها من العقود الجائزة ونحو قوله فى المقدمات هى من العقود الجائزة لكل منهما أن ينفصل عن شريكه متى شاء ونقل صاحب التوضيح فى المقدمات هى من العقود الجائزة (١) بدائع الصنائع ج ٦ ص ٧٨


(٢) المرجع السابق ج ٦ ص ٧٨، ص ٧٩