للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فمن أين وقع لهم هذا الحكم في المشترك من الأموال دون المقسوم منها؟ وقولهم هاهنا عار من الأدلة كلها وظلم الاخفاء به (١). ومن كانت بينهما سلع مشتركة ابتاعاها للبيع فأراد أحدهما البيع أجبر شريكه على البيع لأنهما على ذلك تعاقدا الشركة فإن لم تكن للبيع لم يجبر على البيع من لا يريده لأنَّهُ لم يوجب ذلك نص، ومن كانت بينهما دابة أو عبد أو حيوان أجبرا على النفقة وعلى ما فيه صلاح كل ذلك ومن كانت بينهما أرض لم يجبر من لا يريد عمارتها على عمارها لكن يقتسمانها ويعمر من شاء حصته لقول النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: "من كانت له أرض فليزرعها أو فليزرعها أو ليمسك أرضه" ومن كانت بينهما دار أو رحى أو مال ينقسم أجبرا على الاصلاح لنهى النَّبيّ - صلى الله عليه وسلم - عن إضاعة المال ولكل أوامره حقها من الطاعة لا يحل ضرب بعضها ببعض وبيع الشريك فيما اشتركا فيه للبيع جائز على شريكه وابتياعه كذلك لأنهما على ذلك تعاقدا فكل واحد منهما وكيل للآخر، فإن تعدى ما أمره به فباع بوضيعة أو إلى أجل أو اشترى عيبا فعليه ضمان كل ذلك لأنه لم يوكله بشئ من ذلك فلا يجوز له في مال غيره إلا ما أباحه له، ولا يجوز إقرار أحدهما على الآخَر في غير ما وكله به من بيع أو ابتياع لقول الله - عَزَّ وَجَلَّ -: "ولا تكسب كل نفس إلا عليها" (٢)، وكل واحد منهما إذا أراد الانفصال فله ذلك، ولا تحل الشركة إلى أجل مسمى لأنَّهُ شرط ليس في كتاب الله تعالى فهو باطل (٣).

[مذهب الزيدية]

جاء في شرح الأزهار وحواشيه أن الممتنع من القسمة يجبر عليها بشرطين أحدهما: توفية النصيب من الجنس المقسوم فلا يعطى في توفية نصيبه من الأرض دراهم بل يوفى من الأرض وكذلك ما أشبهه إلا فيما كان الطريق إلى قسمته المهايأة كالثوب والحيوان ونحوهما مما لا يمكن توفية النصيب من جنسه فيجبر الممتنع من توفية من غير الجنس. والشرط الثاني من شرطى إجبار الممتنع من القسمة أن لا تقسم قسمة تتبعها قسمة، يعنى أنه لا يجبر الممتنع على قسمة تتبعها قسمة بأن يكونوا ثلاثة شركاء وأنصباؤهم نصف وثلث وسدس فيقتسمون أسداسا للأول ثلاثة أسداس وللثانى سدسين وللثالث سدس، فإذا قسمت أسداسا أجبر الممتنع لأنها لا تتبعها قسمة في ذلك فإن قسمها نصفين أسدادا للأول ثلاثة أسداس وللثانى سدسان وللثالث سدس، فإذا قسمت أسداسا أجبر الممتنع لأنها لا تتبعها قسمة في ذلك فإن قسمها نصفين لم يجبر رب الثلث والسدس لأنَّهُ يتبع نصيبهما قسمة فيما بينهما وكذلك ما أشبه ذلك (٤).

مذهب الإِمامية:

جاء فى الروضة البهية أن الشريك يجبر على القسمة لو التمس شريكه القسمة ولا ضرر ولا رد - والمراد بالضرر نقص قيمة الشقص بها عنه منضما نقصا فاحشا على ما اختاره صاحب اللمعة الدمشقية في الدروس، وقيل: مطلق نقص القيمة، وقيل: عدم الانتفاع به


(١) المحلى لابن حزم جـ ٨ ص ١٣٠ مسألة رقم ١٢٥١ الطبعة السابقة.
(٢) الآية رقم ٦ من سورة الأنعام.
(٣) المحلى لأبى محمد على بن حزم جـ ٨ ص ١٢٦، ص ١٢٧ مسألة رقم ١٢٤٧ الطبعة السابقة.
(٤) شرح الازهار المنتزع من الغيث المدرار لأبى الحسن عبد الله بن مفتاح جـ ٣ ص ٣٨٣، ص ٣٨٤ الطبعة الثانية طبع مطبعة حجازى بالقاهرة سنة ١٣٥٧ هـ.