وكذلك يؤكل الصيد لو أخذه صاحب الكلب بعد إمساك الكلب له ثم وثب الكلب على الصيد فأخذ منه قطعة فأكلها والصيد في يد صاحبه؛ لأن الأكل بعد ثبوت يد الآدمى عليه بمنزلة الأكل من غيره فلا يقدح في تعليمه ولا في إمساكه على صاحبه.
وأما النوع الثاني وهو الصقر ونحوه من كل ذى مخلب فلا يشترط لحل أكل صيده الإمساك على صاحبه حتى لو أخذ الصيد فأكل منه فلا بأس بأكل صيده. لأن التعليم يترك العادة والطبع والصقر من عادته التوحش من الناس والتنفر منهم بطبعه فألفه الناس وإجابته صاحبه إذا دعاه يكفى دليلًا على تعلمه بخلاف الكلب فإنه ألوف بطبعه فلابد من زيادة أمر فيه وهو ترك الأكل. (١)
ولا يعتبر إمساك الكلب وغيره للصيد بدون الإثخان أي الجرح حتى لو أرسل شخص صقره فأمسك الصيد بمخلبه ولم يثخنه فأرسل آخر فقتله فهو للثانى، لأن يد الصقر ليست بيد حافظة لتقام مقام يد المالك. (٢)
[مذهب المالكية]
لا يجوز للمحرم إمساك الصيد حالة الإحرام، وإذا أحرم وكان معه صيد فإنه يجب عليه إرساله؛ سواء كان بيده ولو في قفص أو غيره أو كان يقوده أو مع رفقته في السفر والمشهور أن ملك صاحبه يزول عنه حالًا وما لا بنفس الإحرام فلو أرسله صاحبه فأخذه غيره وظل في يده حتى حل صاحبه من إحرامه فليس لصاحبه أخذه ممن أخذه وهو لآخده.
وإن أمسك المحرم الصيد وأبقاء بيده حتى حل من إحرامه فكذلك يجب عليه إرساله.
وإن أمسكه وأبقاه بيده حتى مات أو ذبحه فإنه يلزمه جزاؤه.
وهذا إذا كان ممسكًا بالصيد معه على الوجه المذكور.
أما من أحرم وفى بيته صيد فلا شيء عليه ولا يرسله؛ سواء أحرم من منزله أو من ميقاته وهو المذهب.
والفرق بين إمساكه للصيد في بيته حيث يجوز وبين إمساكه في قفص بيده حيث لا يجوز أن القفص حامل له وينتقل بانتقاله وحينئذ فالصيد الذي فيه كالصيد الذي في يده وأما بيته فهو مرتحل عنه وغير مصاحب له.
وإذا أمسك المحرم الصيد ليرسله لا ليقتله فعدا عليه غيره فقتله فإن كان القائل محرمًا أو حلالًا في الحرم فجزاؤه على القاتل ولا شيء على الممسك.
وإن كان القاتل له حلالًا في الحلّ فجزاؤه على المحرم الذي أمسكه لئلا يخلو الصيد الذي مع المحرم من جزاء؛ ويغرم القاتل للمحرم الممسك الأقل من قيمة الصيد طعامًا.