للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: بلى ولا شهادة له، قال: «أليس يصلى» قال: بلى ولا صلاة له.

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «أولئك الذين نهانى الله عن قتلهم».

وقد قال الله تبارك وتعالى:

«إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيراً إِلاَّ الَّذِينَ تابُوا» (١).

وروى أن محسن بن حمير كان فى النفر الذين أنزل الله تعالى فيهم:

«وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّما كُنّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللهِ وَآياتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِؤُنَ» (٢).

فأتى النبى صلّى الله عليه وسلّم وتاب الى الله تعالى فقبل الله توبته، وهو الطائفة التى عنى الله تعالى فى قوله:

«إِنْ نَعْفُ عَنْ طائِفَةٍ مِنْكُمْ نُعَذِّبْ طائِفَةً بِأَنَّهُمْ كانُوا مُجْرِمِينَ» (٣).

فهو الذى عفى الله عنه وسأل الله تعالى أن يقتل فى سبيله ولا يعلم بمكانه فقتل يوم اليمامة ولم يعلم موضعه، ولأن النبى صلى الله عليه وسلم كف عن المنافقين بما اظهروا من الشهادة مع اخبار الله تعالى له بباطنهم فى قوله عز وجل:

«وَيَحْلِفُونَ بِاللهِ إِنَّهُمْ لَمِنْكُمْ وَما هُمْ مِنْكُمْ وَلكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ» (٤). وغيرها من الآيات، وحديث ابن مسعود رضى الله تعالى عنه السابق حجة فى قبول توبتهم مع استسرارهم بكفرهم.

وأما قتله ابن النواحة فيحتمل انه قتله لظهور كذبه فى توبته لانه أظهرها وتبين انه ما زال عما كان عليه من كفره.

ويحتمل أنه قتله لقول النبى صلّى الله عليه وسلم له حين جاء رسولا لمسيلمة: «لولا ان الرسل لا تقتل لقتلتك» فقتله تحقيقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد روى انه قتله لذلك (٥).

[مذهب الظاهرية]

جاء فى المحلى ان كل من صح عنه انه كان مسلما متبرئا من كل دين حاش دين الاسلام ثم ثبت عنه انه ارتد عن الاسلام وخرج الى دين كتابى أو غير كتابى او الى غير دين قد تقدم دعاؤه الى الاسلام حين أسلم بلا شك أن كان دخيلا فى الاسلام او حين بلغ وعلم شرائع الدين فالواجب اقامة الحد عليه وقتله ان لم يراجع الاسلام.

ولا يلزم الاشتغال عن ذلك وتأخيره باستتابة ودعاء، فليست الاستتابة والدعاء واجبة ولا ممنوعة اذ لا برهان على شئ من ذلك (٦).


(١) الآية رقم ١٤٥، ١٤٦ من سورة النساء
(٢) الآية رقم ٦٥ من سورة التوبة.
(٣) الآية رقم ٦٦ من سورة التوبة.
(٤) الآية رقم ٥٦ من سورة التوبة.
(٥) المغنى لأبى محمد عبد الله بن أحمد ابن محمد بن قدامة المقدسى على مختصر أبى القاسم عمر بن حسين بن عبد الله ابن أحمد الخرقى ج ٨ ص ١٢٦، ١٢٧ الطبعة السابقة.
(٦) المحلى لأبى محمد على بن أحمد بن سعيد بن حزم ج ١١ ص ١٨٨ وما بعدها الى ص ١٩٧ مسئلة رقم ٢١٩٥، طبع ادارة الطباعة المنيرية بمصر بتحقيق محمد منير الدمشقى سنة ١٣٥٢ هـ‍.