للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المضجع ويضاجع أخرى في حقها وقسمها لأن حقها عليه في القسم في حال الموافقة وحفظ حدود الله تعالى إلا في حال التضييع وخوف النشوز والتنازع وقيل يهجرها بترك مضاجعتها وجماعها لوقت غلبة شهوتها وحاجتها لا في وقت حاجته إليها لأن هذا للتأديب والزجر فينبغى أن يؤدبها لا أن يؤدب نفسه بامتناعه عن المضاجعة في حال حاجته إليها فإذا هجرها فإن تركت النشوز وإلا ضربها عند ذلك ضربا غير مبرح ولا شائن. والأصل فيه قول الله عز وجل: "واللاتى تخافون نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن (١) فظاهر الآية وإن كان بحرف الواو الموضوعة للجمع المطلق، لكن المراد منه الجمع على سبيل الترتيب، والواو تحتمل ذلك، فإن نفع الضرب، وإلا رفع الأمر إلى القاضي ليوجه إليهما حكمين حكما من أهله وحكما من أهلها كما قال الله تعالى: "وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما" (٢) وسبيل هذا سبيل الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر في حق سائر الناس أن الآمر يبدأ بالموعظة على الرفق واللين دون التغليظ في القول، فإن قبلت وإلا غلظ القول به فإن قبلت وإلا بسط يده فيه، وكذلك إذا ارتكبت محظورا سوى النشوز ليس فيه حد مقدر فللزوج أن يؤدبها تعزيرا لها لأن للزوج أن يعزر زوجته كما للمولى أن يعزر مملوكه (٣).

[مذهب المالكية]

جاء فى الشرح الكبير وحاشية الدسوقى عليه أن للزوجة الامتناع من الدخول والوطء بعد العقد إن تعذر أخذ المهر من الزوج أو المتحمل به لكونه معسرا، وأما لو كان لا يتعذر الأخذ منه لكونه مليا لم يكن لها الامتناع. وإنما يكون لها الامتناع حتى يقرر لها صداقا في نكاح التفويض ولأخذ الحال أصالة أو بعد أجله في نكاح التسمية، بأن كان مؤجلا فحل أجله وتسوية صاحب الشرع الكبير بمن الحال ابتداء وبين ما حل بعد التأجيل من أن لها الامتناع حتى تقبضه فيه نظر، بل إنما يكونان سواء لو كان الصداق على الزوج، وأما إذا كان على المتحمل به فليس لها المنع من التمكين إلا بالنسبة للحال أصالة دون ما حل بعد أجله كما قاله اللخمى ونقله ابن عرفة عنه. وإذا امتنعت الزوجة من الدخول لتعذر خلاص الصداق من الملتزم فإن الزوج يخير بين أن يدفع الصداق من عنده أو يطلقها، فإن دفعه من عنده رجع به على الملتزم إن كان التزامه به على وجه الحمل مطلقا أو على وجه الضمان، وكان قبل العقد أو فيه، وإن كان على وجه الحمالة أو الضمان بعد العقد فلا رجوع له عليه، وإن طلقها فلا شئ عليه إذا كان الملتزم التزمه على وجه الحمل أو على وجه الضمان وكان قبل العقد أو حينه، وأما إن كان التزامه على وجه الحمالة أو الضمان بعد العقد فإنه إن طلقها يغرم لها نصف الصداق وإن دخل غرم الجميع (٤). وإذا كان الصداق من العروض أو


(١) الآية رقم ٣١ من سورة النساء.
(٢) الآية رقم ٣٥ من سورة النساء.
(٣) بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع للإمام علاء الدين أبى بكر بن مسعود الكاسانى جـ ٢ ص ٣٣٤ الطبعة الأولى مطبعة شركة المطبوعات العلمية بمصر سنة ١٣٢٧ هـ.
(٤) الشرح الكبير البركان سيدى أحمد الدردير جـ ٢ ص ٢٤٧، ٢٤٨ من كتاب على هامش الشرح المذكور مع تقريرات العلامة الممتدة للشيخ محمد عليش طبع بمطبعة دار اإحياء التراث الكتب العربية بمصر.