للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فليس هاهنا طلب فى الحقيقة وانما هو طلب على المجاز، اذ بمزاولة اخراجه والاجتهاد فى تحريكه كأنه طلب منه أن يخرج.

وهكذا (١)، وعلى هذا المعنى ما جاء فى المعجم الوسيط‍ من تفسير لكلمة «استحل» فقد جاء فيه: «استحل فلان فلانا الشئ، سأله أن يحله له» (٢) وتزاد الهمزة والسين والتاء لتفيد الاعتقاد فى الشئ وأنه على صفة أصله نحو استكرمته أى اعتقدت فيه الكرم (٣) ومنه ذكره ابن منظور من أن استحل فلان الشئ عده حلالا (٤) وتزاد هذه الاحرف الثلاثة لتفيد الاتخاذ حو استعبد فلان فلانا اذا اتخذه عبدا واستأجره اتخذه أجيرا (٥) وعلى هذا ما ذكره الفيروزبادى فى معنى استحل، حيث قال: «واستحله أى اتخذه حلالا (٦).

من هذا يتبين أن كلمة استحل استحلالا تأتى فى اللغة بمعنى طلب جعل الشئ حلالا، وبمعنى اعتقاد أنه حلالا، وبمعنى اتخاذ الشئ حلالا.

[التعريف عند الفقهاء]

لم أقف فيما قرأت على تعريف مباشر لكلمة «استحلال» أو مادتها عند الفقهاء.

غير أن ما يفهم مما بنوا من الاحكام على الاستحلال يفيد أن مفهومهم لها يدور فى مجال المفهوم اللغوى المتقدم، فهى بمعنى عد الشئ واعتباره حلالا، وبمعنى اتخاذ الشئ حلالا، وبمعنى طلب جعل الشئ حلالا. يدل لذلك من أقوالهم ما ذكره صاحب البحر الرائق من الاحناف نقلا عن الفتاوى البزازية أن من أكل نهارا فى رمضان عيانا عمدا شهرة يقتل، لانه دليل الاستحلال (٧). وما رواه المواق من المالكية عن عياض انه قال وكذا أجمع المسلمون على تكفير كل من استحل القتل أو شرب الخمر أو شيئا مما حرم الله بعد علم هذا بتحريمه (٨) ثم قال الخرشى «وكذلك - أى يكفر من اعتقد بقلبه أن شرب الخمر أو الزنا وما أشبه ذلك من كل محرم مجمع عليه معلوم من الدين بالضرورة حلال» (٩).

وما ذكره (٥) الشافعى الصغير والشبراملسى من أنه لا يصح النكاح الا بلفظ‍ التزويج أو الانكاح وما اشتق منهما لخبر مسلم «اتقوا الله فى النساء .. الى أن يقول:

واستحللتم فروجهن بكلمة الله» (١٠)، وما جاء


(١) كتاب سيبوبة ج‍ ٢ ص ٣٢٩، وشرح الرضى على الشافعية ج‍ ١ ص ١١٠.
(٢) المعجم الوسيط‍ مادة حل.
(٣) كتاب سيبوبة ج‍ ٢ ص ٣٢٩ وابن يعيش ج‍ ٧ ص ١٦١ والرضى ج‍ ١ ص ١١١.
(٤) لسان العرب مادة «حل» ج‍ ١٣ ص ١٧٧
(٥) الهمع ج‍ ٢ ص ١٦٢ والرضى ج‍ ١ ص ١١١.
(٦) القاموس المحيط‍ مادة «حل».
(٧) ابن نجيم ج‍ ٢ ص ٢٩٩.
(٨) التاج والاكليل ج‍ ٦ ص ٢٨٠.
(٩) المرجع السابق.
(١٠) نهاية المحتاج ج‍ ٦ ص ٢٠٧.