للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ونفاه داود الظاهرى ويمكن أن ينفصل عنها بأن الأول ظاهر فى الزوج لأنه المالك للنكاح، والثانى ظاهر فى عوده إلى الأحد، لأنه محط‍ الكلام» (١).

[التعبد بالمجمل قبل البيان]

قال الماوردى والرويانى: «يجوز التعبد بالخطاب المجمل قبل البيان، لأنه صلى الله عليه وسلم بعث معاذا إلى اليمن وقال:

ادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأنى رسول الله فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم خمس صلوات فى كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله قد افترض عليهم صدقة فى أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد إلى فقرائهم، وتعبدهم بالتزام الزكاة قبل بيانها. قالا وإنما جاز الخطاب بالمجمل وإن كانوا لا يفهمونه لأحد أمرين:

الأول: أن يكون إجماله توطئة للنفس على قبول ما يعقبه من البيان، فإنه لو بدأ فى تكليف الصلاة بها لجاز أن تنفر النفوس منها، ولا تنفر من إجمالها.

«والثانى: أن الله تعالى جعل من الأحكام جليا وجعل منها خفيا يتفاضل الناس فى العمل بها ويثابوا على الاستنباط‍ لها، فلذلك جعل منها مفسرا جليا وجعل منها مجملا خفيا» (٢).

ويقرر الغزالى ذلك أيضا فيقول:

«يجوز الخطاب بمجمل يفيد فائدة ما لأن قوله تعالى «وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ» يعرف منه وجوب الايتاء، وو قته، وأنه حق فى المال فيمكن العزم فيه على الامتثال والاستعداد له، ولو عزم على تركه عصى.

وكذلك مطلق الأمر إذا ورد ولم يتبين أنه للإيجاب أو الندب أو أنه على الفور أو التراخى أو أنه للتكرار أو للمرة الواحدة أفاد علم اعتقاد الأصل ومعرفة التردد بين الجهتين.

وكذلك «أَوْ يَعْفُوَا الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكاحِ» يعرف إن كان سقوط‍ المهر بين الزوج والولى فلا يخلو عن أصل الفائدة وإنما يخلو عن كمالها، وذلك غير مستنكر، بل واقع فى الشريعة والعادة، بخلاف قول المخالف (٣).

بقاء المجمل فى القرآن

بعد وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام

اختلف الأصوليون فى بقاء المجمل فى القرآن بعد وفاة الرسول.

يقول الشوكانى (٤): «وقيل أنه لم يبق مجمل فى كتاب الله تعالى بعد موت النبى صلى الله عليه وسلم، وقال إمام الحرمين المختار أن ما ثبت التكليف به لا إجمال فيه، لأن التكليف بالمجمل تكليف بالمحال، وما لا يتعلق به تكليف فلا يبعد استمرار


(١) راجع جمع الجوامع وحاشية البنانى عليه ج‍ ٢ ص ٤٢، ٤٣.
(٢) راجع إرشاد الفحول للشوكانى ص ١٦٨
(٣) انظر المستصفى ج‍ ١ ص ٣٧٦.
(٤) ارشاد الفحول ص ١٦٨.