للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

نفى التأخر على تقدير الجواب به؛ لأنه ما أجاب به إلا ويمكنه الحلف عليه، ولو تداعيا السبق تحالفا؛ لأن كل واحد منهما مدع ومدعى عليه، فإذا تحالفا استقر ملكهما لاندفاع دعوى كل منهما بيمين الآخر ولا شفعة؛ لانتفاء السبق (١).

[مذهب الإباضية]

جاء في كتاب (الإيضاح): إن اختصم الشفيع والمشترى على الشفعة فادعى الشفيع أنه اشترى وأنكر المشترى الشراء فعلى الشفيع البينة. ولا يجزيه في ذلك إلا الشهادة بعد إنكار المشترى؛ لأنه انتقال ملك. ويجزيه الخبر قبل الإنكار، وإن لم تكن للشفيع بينة فعلى المشترى اليمين بأنه لم يشتر، ولا يحلفه الحاكم حتى يرسل الأمناء فيردون تلك الأرض التي يحلف عليها؛ لأن ذلك يمين قاطعة، وإن حلف المشترى على ما ذكرنا ثم أتاه الشفيع أو شفيع غيره على ذلك مرة أخرى فليس لهما إليه سبيل بعد ما حلف على الشراء إلا أن يدعيا عليه أنه اشترى بعد اليمين، وإن أنكر البائع والمشترى جميعًا فليس للشفيع إلى ذلك منه سبيل؛ لأن ذلك منه دعوى لغيره، وإن أراد الشفيع أخذ الشفعة على المشترى فقال المشترى: إنك جوزت إلى الشراء؛ أو قطعت عنك الشفعة بعد الشراء؛ أو أطعمتك من ثمارها؛ أو استأجرتك فيها لعمل كذا وكذا وما أشبه ذلك من الوجوه التي تقطع بها الشفعة فعلى المشترى البينة في كل ذلك ويجزيه الخبر دون الشهادة؛ لأن ذلك ليس بانتقال ملك، وإنما هو دعوى في إبطال حق، فإن لم تكن له بينة فعلى الشفيع اليمين على ما يدعيه المشترى قبله، وكذلك أيضًا إن أخذ الشفيع شفعته على المشترى ثم أنكره بعد ذلك فقال: ما أخذت شيئًا فعلى الشفيع الشفعة بأنه قد أخذها عنه، ويجزيه في ذلك الخبر دون الشهادة؛ لأنه ليس بانتقال ملك كما ذكرنا، وإن لم تكن له بينة فعلى المشترى اليمين. وجاء في (الأثر): وأما إن أخذ الشفيع الشفعة عن المشترى ثم عارضه البائع في تلك الأرض وأنكر البيع فعلى الشفيع البينة بأن المشترى قد اشترى عنه، وأنه قد أخذ بالشفعة على المشترى، ثم يأتى بالشهود فيخبرون بالشراء ويخبرون بالخبر عن الشفعة، وهذا إذا كان الشهود الذين حضروا لشرائهم الذين حضروا الشفعة، وأما إذا كان الشهود الذين حضروا الشفعة غير شهود الشراء فلا يشهدون له على البائع، فإن لم تكن له بينة فعلى البائع اليمين، وإنما لزم البائع اليمين هنا؛ لأن الدعوى بعد ثبوت الشفعة له لا لغيره لانتقال ما للمشترى إليه، وإن أتى بالبينة على ما ذكرنا وحكم له الحاكم بالأرض ثم عارضه فيها المشترى وأنكر أن يكون الشفيع أخذها عنه بالشفعة فلا ينصت إليه الحاكم في قوله ولا يرفعه له منها (٢).


(١) الروضة البهية: ٢/ ٢٨ - ٢٩.
(٢) الإيضاح: ٤/ ٣٧٩ - ٣٩٩، بتصرف.