قال الشافعية: اذا تاب المرتد قبلت توبته، وفى وجوب الاستتابة واستحبابها قولان:
أحدهما لا تجب الاستتابة لأنه لو قتل قبل الاستتابة لم يضمنه القاتل، ولو وجبت الاستتابة لضمنه، والثانى أنها تجب لما روى من أن رجلا ارتد عن الاسلام ولحق بالمشركين فأخذه المسلمون فقتلوه، فقال عمر بن الخطاب «هلا أدخلتموه بيتا وأغلقتم عليه بابا وأطعمتموه كل يوم رغيفا واستتبتموه ثلاثا، فان تاب والا قتلتموه؟»«اللهم انى لم أشهد ولم آمر ولم أرض اذ بلغنى» ولو لم تجب الاستتابة لما تبرأ من فعلهم وفى مدتها عند من قالوا بوجوبها أو استحبابها قولان أحدهما أنها ثلاثة أيام لحديث عمر بن الخطاب، ولأن الردة تكون عن شبهة وقد لا تزال فى الحال فقدر لها ثلاثة أيام، والثانى أنه يستتاب فى الحال والا قتل لحديث أم رومان. وقالوا فى السكران قولان أحدهما تصح استتابته وهو سكران والتأخير مستحب وقالوا لا تصح استتابته وهو سكران ويجب التأخير لأن ردته لا تكون الا من شبهة فلا يمكن ازالتها مع السكر.
وقالوا: واذا ارتد ثم أسلم وتكرر ذلك منه قبل اسلامه اذا تكررت ردته وقيل لا يقبل اسلامه اذا تكررت ردته. قال الشيرازى الفيروزبادى. وهذا خطأ لقوله عز وجل «قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ» ولأنه أتى بالشهادتين بعد الردة فحكم باسلامه كما لو ارتد أول مرة (١).
واذا بقى على ردته بعد الاستتابة وجب قتله لما روى عن عثمان قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يحل دم امرئ مسلم الا باحدى ثلاث منها رجل كفر بعد اسلامه. وقالوا اذا ارتدت المرأة وجب قتلها لما روى عن جابر أن امرأة يقال لها أم رومان ارتدت عن الاسلام فبلغ أمرها الى النبى صلى الله عليه وسلم فأمر أن تستتاب فان تابت والا قتلت.
[مذهب الحنابلة]
قال الحنابلة: من ارتد عن الاسلام من الرجال أو النساء وكان بالغا عاقلا دعى اليه ثلاثة أيام، وضيق عليه، فان رجع قبل منه والا قتل. وقالوا لا يقتل المرتد حتى يستتاب ثلاثا. وروى عن الامام أحمد بن حنبل رواية أخرى أنه لا تجب استتابته ولكن تستحب. قال ابن قدامة فى المغنى ولنا أنها تستحب لما روى من حديث أم رومان وأن النبى صلى الله عليه وسلم أمر أن تستتاب، وأن عمر بن الخطاب قال: عن مرتد قتل «هلا حبستموه ثلاثا فأطعمتموه كل يوم رغيفا واستتبتموه» ولأنه أمكن استصلاحه فلم يجز اتلافه قبل الاستصلاح ولأن الردة تكون عن شبهة ولا تزول فى الحال فوجب أن ينتظر مدة يرتئى فيها،