للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مولود له بولده» (١) أى بالزامه لها أكثر من أجرة الأجنبية على الزوج.

ونفقة الصغير واجبة على أبيه وان خالفه فى دينه، كما تجب نفقة الزوجة على الزوج وان خالفته فى دينه. أما الولد فلاطلاق ما تلونا، ولأنه جزؤه، فيكون فى معنى نفسه، وأما الزوجة فلأن السبب هو العقد الصحيح فانه بازاء الاحتباس الثابت به، وقد صح العقد بين المسلم والكافرة وترتب عليه الاحتباس فوجبت النفقة. وفى جميع ما ذكرنا انما تجب النفقة على الأب اذا لم يكن للصغير مال. أما اذا كان، فالأصل أن نفقة الانسان فى مال نفسه، صغيرا كان أو كبيرا.

ثم قال: وتجب نفقة الابنة البالغة والابن الزمن على أبويه أثلاثا: على الأب الثلثان، وعلى الأم الثلث. لأن الميراث لهما على هذا المقدار، وهذه رواية الخصاف والحسن رحمهما الله. وفى ظاهر الرواية كل النفقة على الأب لقوله تعالى «وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ» (٢) وصار كالولد الصغير، ووجه الفرق على الرواية الأولى أنه اجتمعت للأب فى الصغير ولاية ومؤنة، حتى وجبت عليه صدقة فطره فاختص بنفقته، ولا كذلك الكبير، لانعدام الولاية فيه فتشاركه الأم وفى غير الوالد يعتبر قدر الميراث حتى تكون نفقة الصغير على الجد والأم أثلاثا.

واذا كان للابن الغائب مال قضى فيه بنفقة أبويه، واذا باع أبوه متاعه فى نفقته جاز عند أبى حنيفة رحمه الله (٣)، وهذا استحسان، واذا باع العقار لم يجز. وفى قولهما: لا يجوز فى ذلك كله، وهو القياس، لأنه لا ولاية له لانقطاعها بالبلوغ.

ولهذا لا يملك فى حال حضرته، ولا يملك البيع فى دين له سوى النفقة، وكذا لا تملك الأم فى النفقة. ولأبى حنيفة رحمه الله - ان للأب ولاية الحفظ‍ فى مال الغائب، ألا ترى أن للوصى ذلك، فالأب أولى لوفور شفقته وبيع المنقول من باب الحفظ‍، ولا كذلك العقار، لأنها محصنة بنفسها، وبخلاف غير الأب من الأقارب، لأنه لا ولاية لهم أصلا فى التصرف حال الصغر، ولا فى الحفظ‍ بعد الكبر. واذا جاز بيع الأب والثمن من جنس حقه وهو النفقة - فله الاستيفاء منه، كما لو باع العقار والمنقول على الصغير جاز لكمال الولاية، ثم له أن يأخذ منه بنفقته لأنه من جنس حقه. وان كان للابن الغائب مال فى يد أبويه وأنفقا منه لم يضمنا، لأنهما استوفيا حقهما، لأن نفقتهما واجبة قبل القضاء على ما مر، وقد أخذا جنس الحق. وان كان له مال فى يد أجنبى، وأنفق عليهما بغير اذن القاضى، ضمن لأنه تصرف فى مال الغير بعير ولاية لأنه نائب فى الحفظ‍ لا غير، بخلاف ما اذا أمره القاضى لأن أمره ملزم لعموم ولايته، واذا ضمن لا يرجع على القابض، لأنه ملكه بالضمان، فظهر انه كان متبرعا به.

مذهب المالكية (٤):

وشروط‍ وجوب نفقة الحمل على أبيه حريته وحرية أبيه ولحوقه به. وتجب على


(١) سورة البقرة: ٢٣٣.
(٢) المهذب ج‍ ٢ ص ١٩٠.
(٢) سورة البقرة: ٢٣٣.
(٣) الشرح ج‍ ٢ ص ٤٠.
(٤) الشرح الصغير ج‍ ١ ص ٤٧٧ - ٤٨٠.