للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال البعض: لا يصح الاستثناء بالنية الا اذا كان المستثنى منه ملفوظا حيث يقتصر التقدير على المخرج. أما تقدير المخرج والمخرج منه فانه يفتح بابا واسعا للتأويل والخروج من التبعات والالتزامات وليس كل انسان يخاف الله ويقدر عاقبة الامور.

ولا يقبل الاستثناء بالنية فى القضاء والحكم عند الكل لان الاحكام لا تبنى على النوايا وانما تبنى على الظاهر وهذا فى الطلاق والعتاق اذا نازعت الزوجة فى الطلاق أو نازع العبد فى العتق ولم يصادقا وقيل ان ربط‍ القبول فى العتق بمصادقة العبد فيه نظر لأن العتق حق الله تعالى وقيل ان مصادقة العبد انما هى فى عدم حصول شرط‍ العتق لا فى العتق نفسه. أما فى الحلف بالله تعالى فيقبل الاستثناء بالنية فى القضاء والحكم.

ولا يصح الاستثناء بالنية اذا كان المستثنى منه عددا منصوصا معينا فى النفى نحو أن يحلف لا آكل هذه العشر رمانات ونحو ذلك وينوى بقلبه الا واحدة فان النية لا تكفى هنا بل لا بد من اللفظ‍ والا لم يصح الاستثناء .. وأما فى الاثبات فلا فرق بين العدد المعين وغير المعين فلا يبرأ الا بالجميع حيث لم يستثن وبالبعض الباقى مع الاستثناء من غير فرق بين التعيين وغيره (١).

[مذهب الإمامية]

يرى الإمامية أن اتباع مشيئة الله تعالى لليمين يمنع انعقادها وبالتالى لا يكون فيها حنث ولا تجب الكفارة سواء عرفت المشيئة وجودا أو عدما أو لم تعرف. وتعرف المشيئة من متعلق اليمين اذ ينبغى أن يكون متعلقها طاعة واجبا أو مندوبا أو ترك مكروه أو حرام أو مباحا راجحا دينا أو دنيا أو متساويا، وفيما عدا المباح هو مطلوب للشرع على سبيل الامر أو النهى فيعرف وجود المشيئة فى المطلوب على سبيل الامر وعدمها فى المطلوب على سبيل النهى. أما المباح فلا يتعلق به طلب للشارع وبالتالى لا تعرف فيه مشيئة الله تعالى وذهب البعض الى أن التعليق على المشيئة لا يمنع انعقاد اليمين الا فيما لا تعرف فيه المشيئة كالمباح دون الواجب والمندوب وترك الحرام والمكروه لانه متى عرفت مشيئة الله يجرى الامر على حسب تلك المشيئة ويرتبط‍ بها وجودا وعدما كما فى مشيئة الانسان اذا علقت عليها اليمين. وأجيب بأن النص فى الحديث عن أثر المشيئة فى اليمين أناط‍ الامر بقول ان شاء الله وأطلق دون نظر الى معرفة مشيئة الله تعالى وعدم معرفتها ومع وجاهة الرأى لا اجتهاد فى مقابلة النص. ويجب أن تكون المشيئة متصلة باليمين عادة فلا يضر الفصل الاضطرارى لنحو التنفس والسعال الذى لا يعتبر فاصلا عرفا. وان تكون ملفوظة منطوقا بها فلا تصح بالنية وأن يقصد الحالف اليها عند النطق بها وأن


(١) شرح الازهار والهامش عليه ج‍ ٤ ص ٣٠، ص ٣١.