للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٣ - ولا تنافى بين الخبرين لأن الأول محمول على أنه لا يجوز له أن يشارط‍ فى تعليم القرآن أجرا معلوما. والثانى على أنه ان أهدى اليه بشئ، وأكرم بتحفة جاز له أخذها (١).

وفى كشاف القناع: ويحرم ولا يصح اجارة على عمل لا يقع الا قربه لفاعله ويصح أخذ جعالة على ذلك كما يجوز أخذه عليه بلا شرط‍ وكذا حكم الرقية (٢).

مذهب الإباضية: فى حكم أخذ الأجرة على التعليم والقراءة، قال فى النيل (٣):

«وجاز أخذ عوض على تعليم القرآن وعمل مؤد لنفعه ونفع مؤاجره».

هل تعليم آية او آيات من القرآن

يجزئ مهرا الزوجة

قال فى البحر الرائق شرح كنز الدقائق:

«يجب مهر المثل اذا جعل الصداق تعليم القرآن لأن المشروع إنما هو الابتغاء بالمال، أى وهو قوله تعالى: «وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسافِحِينَ» (٤).

والتعليم ليس بمال، وكذا المنافع على أصلنا لأن التعليم عبادة فلا يصح أن يكون صداقا، ولأن قوله تعالى: «فَنِصْفُ ما فَرَضْتُمْ} (٥)» يدل على انه لا بد أن يكون المفروض مما له نصف حتى يمكنه أن يرجع عليها بنصفه اذا طلقها قبل الدخول بعد القبض، ولا يمكن ذلك فى التعليم.

وأما قوله صلى الله عليه وسلّم:

«زوجتكها بما معك من القرآن» فليست الباء منعينة للعوض لجواز أن تكون للسببية أو للتعليل أى لأجل أنك من أهل القرآن أو المراد ببركة ما معك من القرآن فلا يصلح دليلا (٦).

وفى حاشية ابن عابدين الحنفى قال: يجب مهر المثل فيما لو تزوجها على أن يعلمها القرآن أو نحوه، لأن المسمى ليس بمال كما فى البدائع لعدم صحة الاستئجار على الطاعات عند أئمتنا الثلاثة رحمهم الله تعالى ثم قال: ولما جوز الامام الشافعى رحمه الله أخذ الأجرة على تعليم القرآن صح تسميته مهرا (٧).

وفى كشاف القناع (٨): وان أصدقها تعليم شئ معين من القرآن لم يصح الإصداق، لأن الفروج لا تستباح إلا بالمال لقوله تعالى: «أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوالِكُمْ» «وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلاً} (٩)» والطول المال، ولأن تعليم القرآن قربة، ولا يصح ان تكون صداقا كالصوم. وحديث الموهوبة معناه زوجتكها لأنك من أهل القرآن.

وفى البحر الزخار (١٠) للزيدية قال: ويصح جعل تعليم القرآن أو بعضه مهرا فتطالبه بالتعليم على عادة المعلمين، ولها المطالبة بأى السور لاستوائها فى الفضل، فان سمت بعضا لزمه بعينه لسؤاله صلى الله عليه وسلم خطيب الواهبة عما معه من القرآن فقال البقرة والتى تليها، فقال: «زوجتكها على أن تعلمها عشرين آية» ويصح أصداق الكتابية تعليم القرآن ان رجا إسلامها لقوله تعالى «حَتّى يَسْمَعَ كَلامَ اللهِ» (١١).


(١) من تذكرة الفقهاء باب أنواع الكسب ج‍ ١
(٢) ج‍ ٢ ص ٣٠٠، ٣٠١.
(٣) ج‍ ٢ ص ٧٨.
(٤) سورة النساء: ٢٤.
(٥) سورة البقرة: ٢٣٧.
(٦) ج‍ ٣ ص ١٦٨.
(٧) ج‍ ٢ ص ٣٤٢، ٣٤٣.
(٨) ج‍ ٣ ص ٧٧.
(٩) سورة النساء: ٢٤، ٢٥.
(١٠) ج‍ ٣ ص ١٠٨.
(١١) سورة التوبة: ٦.