للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إحداد عليها، ويعلل المالكية ذلك بأن المتوفى فارق زوجته وهو على نهاية الإشفاق عليها والرغبة فيها، ولم تكن المفارقة من قبله فلزمها الإحداد لذلك ولإظهار الحزن كذلك .. أما المطلقة فقد فارقها مختاراً لفراقها، مقابحا لها، فلا يتعلق بها حكم الإحداد كالملاعنة (١) وعلى من تحد والزوج باق؟

[مذهب الحنفية والزيدية]

يرون الإحداد، ويعلل الحنفية ذلك بأن النبى صلى الله عليه وسلم نهى المعتدة أن تختضب بالحناء وقال: الحناء طيب، ولأنه يجب إظهارا للتأسف على فوت نعمة النكاح الذى هو سبب لصونها وكفاية مؤنها، والإبانة أقطع لها من الموت، سواء فى ذلك الطلاق البائن: الواحد أو الثلاث أو المختلعة، ويروى ذلك عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار. أخرج عبد الرزاق عن معمر، عن الزهرى وعطاء الخراسانى عن ابن المسيب قال تحد المبتوتة كما تحد المتوفى عنها ولا تمس طيبا .. الخ، أخبرنا الثورى عن عبد العزيز، عن ابن المسيب قال: المطلقة والمتوفى عنها حالهما واحد فى الزينة (٢).

[مذهب الحنابلة والشافعية]

أثر عن الحنابلة روايتان فى ذلك (٣)، واختلف قول الشافعى فى هذه المسألة، فقال فى القديم يجب عليها الإحداد لأنها معتدة بائن فلزمها الإحداد كالمتوفى عنها زوجها. وقال فى الجديد: لا يجب عليها الإحداد لأنها معتدة من طلاق فلم يلزمها الإحداد كالرجعية، ثم وجه الشافعية هذا بما وجهه به المالكية (٤).

وقال فى الأم: وأحب إلى للمطلقة طلاقا لا يملك زوجها فيه عليها الرجعة تحد الإحداد لأنها معتدة من طلاق فلم يلزمها من الطلاق. وقد قاله بعض التابعين، ولا يبين لى أن أوجبه عليها لأنهما قد يختلفان فى حال وإن اجتمعا فى غيره (٥).

[ما تجتنبه المحدة]

[مذهب الحنفية]

وافقوا الشافعية والحنابلة فى وجوب ترك الطيب والزينة والكحل والدهن المطيب، كما اتفقوا مع الشافعية فى منع الدهن غير المطيب كالزيت والشيرج إلا لضرورة، فيجوز وقد صح أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يأذن للمعتدة فى الاكتحال والدهن لا يعرى عن كونه نوع طيب وفيه زينة للشعر. لكن لو كانت عادتها الإدهان فخافت بتركه وجعا، فإن كان ذلك أمراً ظاهراً يباح لها، لأن الغالب كالواقع، وكذا لبس الحرير اذ احتاجت اليه لعذر فلا بأس (٦).


(١) الخرشى ج‍ ٣ ص ٢٨٧، ٢٨٨، والباجى على الموطأ ج‍ ٤ ص ١٤٥، والمحلى ج‍ ١٠ ص ٣٠٣، والروضة البهية ج‍ ٢ ص ١٥٧.
(٢) فتح القدير ج‍ ٣ ص ٢٩٥، والمتعليق الممجد على موطأ محمد ج‍ ١ ص ٢٦٧، والروض النضير ج‍ ٤ ص ١١٩، ١٢٥.
(٣) المحرر ج‍ ٢ ص ١٠٧.
(٤) المهذب ج‍ ٢ ص ١٤٩.
(٥) الأم ج‍ ٥ ص ٢١٢.
(٦) فتح القدير وحواشيه ج‍ ٣ ص ٢٩٤، ص ٢٩٦.