للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

آمن لأنه لما دخل دار الموادعين بأمانهم صار كواحد من جملتهم فلو عاد الى داره ثم دخل دار الاسلام بغير أمان كان فيئا، لنا أن نقتله ونأسره لأنه لما رجع الى داره فقد خرج من أن يكون من أهل دار الموادعة فبطل حكم الموادعة فى حقه فاذا دخل دار الاسلام فهذا حربى دخل دار الاسلام ابتداء بغير أمان.

ولا يجرى الأسر على مشركى العرب والمرتدين، فانهم لا يسترقون بل يقتلون أو يسلمون لقوله تعالى «فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ» الى أن قال «فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ» وهذا فى حق الرجال

أما النساء والذرارى منهم فيسترقون كما يسترق نساء مشركى العجم وذراريهم، لأن النبى صلّى الله عليه وسلم استرق نساء هوازن وذراريهم وهم من صميم العرب، وكذا الصحابة استرقوا نساء المرتدين من العرب وذراريهم.

أما أهل البغى فانه يجوز أسرهم (بمعنى حبسهم) ولكن لا تسبى لهم ذرية (١).

وجاء فى البدائع (٢): والأسر يجرى على كل من وقع فى يد المسلمين من ذكر صبيا كان أو شابا أو شيخا وكذلك المرأة والرهبان الا أن من ترك منهم فى دار الحرب لعدم المضرة من تركهم فانهم يكونون أحرارا.

[مذهب المالكية]

جاء فى حاشية الدسوقى (٣): ويدعو الامام الكفار وجوبا الى الاسلام ثلاثة أيام بلغتهم الدعوة أم لا، ما لم يعاجلونا بالقتال والا قوتلوا، ثم ان أبوا من قبوله دعوا الى أداء جزية اجمالا، الا أن يسألوا عن تفصيلها بمحل يؤمن - متعلق بالاسلام والجزية - والا بأن لم يجيبوا أو أجابوا ولكن بمحل لا تنالهم أحكامنا فيه ولم يرتحلوا لبلادنا قوتلوا، وقتلوا:

أى جاز قتلهم الا سبعة: المرأة فلا تقتل الا فى مقاتلتها فيجوز قتلها ان قتلت أحدا أو قاتلت بسلاح كالرجال ولو بعد أسرها، لا ان قاتلت بكرمى حجر فلا تقتل ولو حال القتال، والا الصبى المطيق للقتال فلا يجوز قتله ويجرى فيه ما فى المرأة من التفصيل، والا المعتوه أى ضعيف العقل فالمجنون أولى، والشيخ الفانى الذى لا قدرة له على القتال، وزمن أى عاجز، وأعمى وراهب منعزل عن أهل دينه بدير أو صومعة، لأنهم صاروا كالنساء حال كونهم بلا رأى وتدبير.

وعلق الدسوقى على ذلك بقوله: ان محل كون الشيخ الفانى وما بعده


(١) الفتح ج ٤ ص ٢١٢ والبدائع ج ٧ ص ١٤٠.
(٢) البدائع ج ٧ ص ١٠١، ص ١٠٢.
(٣) حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج ٢ ص ١٧٦، ص ١٧٧.