للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

توبته صرفه إلى ما يرى. وجاء في الفتاوى البزازية: أن معنى التعزير بأخذ المال على القول به إمساك شئ من مال المعزَّر مدة لينزجر ثم يعيده الحاكم إليه لا أن يأخذه الحاكم لنفسه أو لبيت المال كما يتوهمه الظلمة. إذ لا يجوز لأحد من المسلمين أخذ مال أحد بغير سبب شرعى. واستظهر ابن عابدين فى حاشيته على الدر المختار ضعف تلك الرواية عن أبى يوسف. ونقل عن صاحب الشرنبلالية قوله: ولا يفتى بهذا أي بما روى عن أبى يوسف. لما فيه من تسليط الظلمة على أخذ مال الناس فيأكلونه. ومثله في شرح الوهبانية عن ابن وهبان. وجاء في شرح الآثار: أن التعزير بأخذ المال وإمساكه عن مالكه كان في ابتداء الإسلام ثم نسخ. (١)

ولو أمسك الحاكم من اعتاد القتل بالخنق وتكرر ذلك منه فإن كان إمساكه له قبل توبته قتله سياسة ولا تقبل توبته بعد ما أمسكة الحاكم ووقع في يده. أما إن تاب قبل إمساكه فتقبل توبته ولا يقتل. (٢) ويجرى هذا على كل من كان كذلك كاللوطيّ والساحر والزنديق والسارق ونحو ذلك من الجرائم التي لا قتل فيها وتعظم بالتكرار وشرع القتل في جنسها (٣).

وفى إمساك الزانى المحصن حال إقامة الحد عليه بالرجم قال صاحب البدائع: لا ينبغى أن يربط المرجوم ولا أن يمسك ولا أن يحضر له إذا كان رجلا يقام عليه الحد قائما؛ لأن ما عزا لم يربط ولم يمسك ولا حفر له؛ ألا يرى أنه هرب من أرض قليلة الحجارة إلى أرض كثيرة الحجارة. ولو ريط أو أمسك أو حفر له لما قدر على الهرب وإن كان المرجوم امرأة فإن شاء الإمام حفر لها، لأنه أستر لها وإن شاء لم يحفر لأنها مستورة بثيابها التي لا تجرد منها عند إقامة الحد عليها. (٤)

وكذلك لا يمسك المحدود بالجلد حال توقيع العقوبة عليه ولا يربط لكنه يترك قائما إلا أن يعجزهم فيشد ويمسك حينئذ (٥).

[مذهب المالكية]

إذا أمسك شخص شخصا ليقتله آخر فقتله فإنه يقتص من القاتل لمباشرته القتل. كما يقتص من الممسك أيضا بقيود ثلاثة وهى:

(أولا) أن يمسكه لأجل القتل.

(ثانيا) أن يعلم أن الطالب قاصد قتله لرؤيته آلة القتل بيده مثلا.

(ثالثا) وإن تبين أنه لولا إمساكه لما قدر القاتل على قتله أما إن أمسكه لأجل أن يضربه ضربا معتادا أو لم يعلم أنه يقصد قتله، أو كان قتله لا يتوقف على إمساكه له فإنه يقتل المباشر للقتل


(١) حاشية ابن عابدين على الدر المختار السابق جـ ٤ ص ٦١ من "التعزير".
(٢) المرجع السابق جـ ٦ ص ٥٤٣ - ٥٤٤ من باب "الجنايات".
(٣) المرجع السابق جـ ٤ ص ٦٢،١١٨ من باب "قطع الطريق والتعزير".
(٤) بدائع الصنائع فى ترتيب الشرائع للكاسانى جـ ٧ ص ٥٩ - ٦٠ الطبعة السابقة.
(٥) الفتاوى الهندية السابق جـ ٢ ص ١٤٦ الطبعة السابقة.