للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال أبو يوسف برئ ديانة أيضا وهو الأصح كما لو علم به .. وعلل ذلك بأن الابراء اسقاط‍ لا تفتقر صحته الى القبول.

وجهالة الساقط‍ لا تمنع صحة الاسقاط‍، لأنه متلاش فلا يرد عليه التسلم والتسليم ليفضى الى المنازعة كالمشترى اذا أبرأ البائع من العيوب صح وأن لم يبين العيوب.

[مذهب المالكية]

وفى الشرح الكبير وحاشية الدسوقى عليه فى فقه (١) المالكية: ان أبرأ فلانا مما له قبله أو من كل حق أو أبرأه وأطلق برئ مطلقا من الحقوق المالية معلومة أو مجهولة، وبرئ أيضا من الحقوق البدنية مثل حد القذف ما لم يبلغ الامام.

وقال الدسوقى فى الحاشية: ويدخل فى الحقوق المالية المعينات كدار على الصواب فيسقط‍ بالبراءة الطلب بقيمتها اذا فاتها المبرأ والطلب برفع اليد عنها ان كانت قائمة.

[مذهب الشافعية]

جاء فى المهذب (٢): لا يصح الابراء من دين مجهول لأنه ازالة ملك لا يجوز تعليقه على الشرط‍ فلم يجز مع الجهالة كالبيع والهبة.

وفى الاشباه والنظائر للسيوطى (٣): الابراء هل هو اسقاط‍ أو تمليك .. قولان .. والترجيح

مختلف فى الفروع فمنها الابراء مما يجهله المبرئ والاصح فيه التمليك فلا يصح، ومنها اشتراط‍ القبول والأصح فيه الاسقاط‍ فلا يشترط‍.

غير أن الشافعية أجازوا الابراء من المجهول فى صورتين.

الأولى: فى الابراء من الدية فأنه يجوز الابراء منها ولو مع جهالة قدرها.

الثانية: أن يذكر المبرئ الذى لا يعلم قدر دينه غاية يتحقق أن حقه أقل منها كأن يقول: أبرأتك من دينى عليك البالغ مائة جنيه وهو يعلم أن دينه أقل من هذا القدر فانه يصح الابراء لتأكد شموله الحق الذى له على المبرأ (٤) حينئذ.

[مذهب الحنابلة]

جاء فى كشاف القناع (٥): نزل أصحابنا الصلح عن المجهول المقر به بمعلوم منزلة الابراء عن المجهول فيصح على المشهور لقطع النزاع، وظاهر هذا أنه لا فرق بين الدين والعين قال فى المبدع: وقيل لا يصح عن أعيان مجهولة لأنه ابراء.

وفى موضع آخر: اذا (٦) أبرأ غريم غريمه من دينه صح ولو كان الدين المبرأ منه


(١) حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج ٣ ص ٤١١، ص ٤١٢ الطبعة السابقة.
(٢) المهذب لابى اسحق الشيرازى ج ١ ص ٤٤٨ طبعة عيسى البابى الحلبى وشركاه بمصر.
(٣) الاشباه والنظائر لجلال الدين السيوطى ص ١٨٧ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٤) المرجع السابق ص ٥٧٠ وما بعدها.
(٥) كشاف القناع وبهامشه شرح منتهى الارادات ج ٢ ص ١٩٣ الطبعة السابقة.
(٦) المرجع السابق ج ٢ ص ٤٧٧، ص ٤٧٨ الطبعة السابقة.