للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النظر بعده فى وصية الأول إلى الحاكم، لأنه وصى من لا وصى له.

وكذا حكم كل من مات ولا وصى له مع تعذر الحاكم لفقده أو بعده بحيث يشق الوصول إليه عادة يتولى إنفاذ الوصية بعض عدول المؤمنين من باب الحسبة والمعاونة على البر والتقوى المأمور بها.

[مذهب الإباضية]

جاء فى شرح النيل (١): أن الإباضية اختلفوا فى الإيصاء بالمنافع كغلة شجر وسكنى دور وحرث أراضى، وخدمة عبيد، أو دواب يستخدمها عنده، أو يخدمان غيره فيأخذ الأجرة، وذمة العبد، وهى ما أوصى به له، أو وهب له على قول أن العبد يملك مالا وغرس فى أرض، وبناء فى أرض، ونجارة بقادوم، وخياطة بإبرة ونحو ذلك.

قيل يجوز مطلقا، لأن المنفعة كنفس المال، بل هى المقصودة بالذات من نفس المال وهى ولو لم توجد، لكن تعلقت الوصية لوجودها وهى أولى من بيع وشرط‍، مع أن الصحيح فى البيع والشرط‍ الجواز، إذا حل تملك الشرط‍ وعلم، وجواز الوصية بالمنفعة هو الصحيح عندى وأحاديث العمرى والرقبى نص فيه.

وقيل: لا يجوز مطلقا، لأن المنفعة معدومة والمعدوم غير مملوك فإذا أوصى بها فقد أوصى بمال الغير.

ويرده أحاديث العمرى والرقبى.

وقيل: إن أجل جاز، وإلا فلا، والمنفعة لصاحب الأرض والشجر والبناء ولا يجد صاحبها أن يقلعهما ربهما، لكن إذا زالا لم يجد أن يجددهما وإن أجل له قلعهما عند الأجل.

وقيل لا يقلع الشجر ولكن له قيمة الأرض فمن أوصى لأحد بثمار جنانه عشر سنين أو أقل أو أكثر أو سكنى داره عشرا أو أقل أو أكثر أو بغير ذلك بتأجيل فمات الموصى فلا يحكم له أى لأحد وهو الموصى له بذلك أجل أو لم يؤجل ولزم الوارث كله عند الله.

وأجاز بعضهم الحكم له بذلك كله أيضا كما جاز له عند الله.

وهذا القول لم يذكره الشيخ فى هذا المقام.

ولكن دل عليه قوله وأما الوصية بالمنافع فقد اختلفوا فيها وذكره الشيخ بعد بقوله وفى الأثر وإن أوصى رجل بسكنى هذه الدار أو البيت أو جميع ما يسكن فيه سمى الأجل أو لم يسم فذلك لا يجوز إن وسعه الثلث قيد لقوله جوز ولقوله لزم الوارث لأنه إن لم يسعه الثلث لم يلزم الوارث كله عند الله ولم يجزه ذلك البعض كله بل يلزمه بعضه فيما بينه وبين الله تعالى. ويجيز ذلك البعض بعضه فقط‍.

وقيد الثلث مراد فى قول الشيخ وفى الأثر: إن أوصى رجل بسكنى هذه الدار ويأخذ ما ذكره من الثمار والسكنى وكذا غيرهما فى السنين التالية لموته إن عين الموصى أنها بعد موته باتصال، أو لم يعين أنها بعده بأتصال، ولا بانفصال، ولم يبين أنها بعده


(١) شرح النيل ج ٦ ص ١٩٢، ١٩٣.