للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأول لم تثبته شبكته، وإن قطعها غيره فانفلت فهو باق على ملك صاحبها فلا يملكه غيره كما صححه في (المجموع)، ولو ذهب الصيد بالشبكة فإن كان على امتناعه بأن يعدو ويمتنع معها فهو ممن أخذه، وإن كان فتلُها يبطل امتناعه بحيث لا يتيسر أخذه فهو لصاحبها، ويملك أيضًا بإلجائه إلى مضيق ولو مغضوبًا لا يقدر الصيد على التفلت منه كبيت؛ لأنه صار مقدورًا عليه، فإن قدر الصيد على التفلت لم يملكه الملجئ ولو أخذه غيره ملكه، ومتى ملكه لم يزل ملكه عنه بانفلاته، فمن أخذه لزمه رده، سواء كان يدور في البلد أم التحق بالوحوش في البرية، كما لو شردت البهيمة، ويستثنى من ذلك ما لو انفلت بقطعه ما نصب له فإنه يعود مباحًا يملكه من يصطاده، ومن فتح قفصًا عن طائر وهيجه فطار في الحال ضمنه بالإجماع -كما قال الماوردى- لأنه ألجأه إلى الفرار، كإكراه الآدمى. وإن اقتصر على الفتح فالأظهر أنه إن طار في الحال ضمن؛ لأن طيرانه في الحال يشعر بتنفيره، وإن وقف ثم طار فلا يضمنه، لأن طيرانه بعد الوقوف يشعر باختياره، والقول الثاني: يضمنه مطلقًا؛ لأنه لو لم يفتح لم يطر، والقول الثالث: لا يضمن مطلقًا؛ لأن له قصدًا واختيارًا، والفاتح متسبب والطائر مباشر، والمباشرة مقدمة على السبب ويجرى الخلاف فيما لو حَلَّ رباط بهيمة أو فتح بابًا فخرجت وضاعت؛ لأنه صحيح الاختيار فخروجه عقب ما ذكر يحال عليه (١).

ثانيًا: انفلات الدابة:

جاء في (مغني المحتاج)، أن من كان مع دابة أو دواب سواء كان مالكًا أم مستأجرًا أم مودعًا أم مستعيرًا أم غاصبًا ضمن إتلافها بيدها أو رجلها أو غير ذلك نفسًا ومالًا ليلًا ونهارًا؛ لأنها في يده وعليه تعهدها وحفظها. ولأنه إذا كان معها كان فعلها منسوبًا إليها كالكلب إذا أرسله صاحبه وقتل الصيد، وإن استرسل بنفسه فلا، فجنايتها كجنايته سواء أكان سائقها أم قائدها أم راكبها، ولو كان مع الدواب راع فهاجت ريح وأظلم النهار فتفرقت الدواب ووقفت في زرع فأفسدته فلا ضمان على الراعى في الأظهر للغلبة، كما لو نَدَّ بعيره أو انفلتت دابته من يده فأفسدت شيئًا (٢).

ثالثًا: انفلات النار والماء:

جاء في (المهذب): أنه إذا أجّج إنسان على سطحه نار فطارت شرارة إلى دار الجار فأحرقتها، أو سقى أرضه فنزل الماء إلى أرض جاره فغرّقها، فإن كان الذي فعله ما جرت به العادة لم يضمن؛ لأنه غير متعدٍ، وإن فعل ما لم تجر به العادة بأن أجج من النار أما لا يقف على حد داره أو سقى أرضه من الماء ما لا تحتمله ضمن، لأنه متعدٍ (٣).

وفى (مغنى المحتاج): أن الشخص لو سقى أرضه فخرج الماء من جحر فأهلك شيئًا لم يضمنه إلا إن سقى فوق العادة. أو علم بالجحر ولم يحتط فيضمن لتقصيره (٤).

[رابع: انفلات المائع]

جاء في (مغنى المحتاج): أنه لو فتح شخص رأس زق - وهو السقاء - مطروح على الأرض


(١) مغني المحتاج: ٤/ ٢٥٥، وما بعدها
(٢) المرجع السابق: ٤/ ١٨٨، وما بعدها.
(٣) المهذب: ١/ ٣٧٥.
(٤) مغني المحتاج: ٤/ ٧٦.