للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بالكل وكان المقر له يعترف للآخر بالنصف سلمه اليه. وكذلك ان كان قد تقدم اقراره بذلك وجب تسليم النصف اليه لأن الذى هى فى يده قد اعترف له بها فصار بمنزلته فيثبت لمن يقر له .. وان لم يكن اعترف للاخر وادعى جميعها أو ادعى اكثر من النصف فهو له فأن قيل: فكيف يملك جميعها ولم يدع الا نصفها.؟. قلنا: ليس من شروط‍ صحة الاقرار تقدم الدعوى بل متى اقر الانسان بشئ فصدقه المقر له ثبت. وقد وجد التصديق ههنا فى النصف الذى سبق دعواه.

ويجوز أن يكون قد اقتصر على دعوى النصف لأن له حجة به أو لان النصف الآخر قد اعترف له به فادعى النصف الذى لم يعترف به. فان لم يصدقه فى اقراره بالنصف الذى لم يدعه ولم يعترف به للآخر ففيه ثلاثة أوجه:

احدها يبطل الاقرار به لانه اقر به لمن لا يدعيه - الثانى - ينزعه الحاكم من يده حتى يثبت لمدعيه. ويؤجره ويحفظ‍ أجرته لمالكه.

والوجه الثالث - يدفع الى مدعيه لعدم المنازع فيه. ومذهب الشافعى فى هذا الفصل كله كنحو ما ذكرنا.

[رجوع المقر عن اقراره]

لا يقبل رجوع المقر (١) عن إقراره لتعلق حق المقر له بالمقر له إلا فيما كان حدا لله تعالى فيقبل رجوعه عنه لأن الحد يدرأ بالشبهة وأما حقوق الآدميين وحقوق الله تعالى التى لا تدرأ بالشبهات كالزكاة والكفارات فلا يقبل رجوع المقر عن الاقرار بها.

لا يقبل رجوع المقر (٢) عن اقراره الا فيما كان حدا لله تعالى يدرأ بالشبهات ويحتاط‍ لاسقاطه. فأما حقوق الآدميين وحقوق الله تعالى التى لا تدرأ بالشبهات كالزكاة والكفارات فلا يقبل رجوعه عنها ولا نعلم فى هذا خلافا. فاذا قال: هذه الدار لزيد لابل لعمرو او ادعى زيد على ميت شيئا من تركته فصدقه ابنه ثم ادعاه عمرو فصدقه حكم به لزيد ووجبت عليه غرامته لعمرو. وهو ظاهر احد قولى الشافعى.

وقال فى الآخر لا يلزم لعمرو شيئا وهو قول ابى حنيفة لانه اقر له بما عليه الاقرار به.

وانما منعه الحكم من قبوله وذلك لا يوجب الضمان.

ولنا. انه حال بين عمرو وبين ملكه الذى اقر له به باقراره لغيره فلزمه غرمه كما لو شهد رجلان على اخر باعتاق عبده ثم رجعا عن الشهادة ..

وان قال: غصبت هذه الدار من زيد لا بل من عمرو أو غصبتها من زيد وغصبها زيد من عمرو. حكم بها لزيد ولزمه تسليمها اليه ويغرمها لعمرو. لأنه اقر بالغصب الوجب للضمان والرد على المغصوب منه. ثم لم يرد ما اقر بغصبه فلزمه ضمانه كما لو تلف بفعل الله تعالى .. قال احمد فى رواية ابن منصور فى رجل قال لرجل.

استودعتك هذا الثوب فقال صدقت. ثم قال: استودعنيه رجل آخر فالثوب للاول ويغرم قيمته للأخر. ولا فرق فى هذا الفصل بين أن يكون اقراره بكلام متصل أو منفصل.


(١) كشاف القناع ج‍ ٤ ص ٣١٩.
(٢) المغنى ج‍ ٥ ص ٢٨٨.