للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يصح أن تكون الأجرة منفعة هى من جنس المنفعة المعقود عليها كاجارة دار للسكنى بسكنى دار أخرى واجارة أرض لزراعتها بزراعة أرض أخرى ويجوز أن تكون منفعة من غير جنس المنفعة المعقود عليها كاجارة دار للسكنى بزراعة أرض، وفى اجارة منفعة بمنفعة من جنسها اذا استوفى أحد العاقدين دون الآخر.

روى عن أبى يوسف أنه لا أجر عليه للآخر، وقال الكرخى: الظاهر أن عليه أجر المثل، وجه رواية أبى يوسف أنه حين قوبلت المنفعة بجنسها ولم تصح هذه المقابلة كان بازاء المنفعة المستوفاة ما لا قيمة له وهو المنفعة فكان الآخر راضيا ببذل المنفعة لصاحبه بلا بدل، ووجه ما ذكره الكرخى أنه قد استوفى المنفعة بعقد فاسد وبه تتقوم المنافع كما تتقوم بالعقد الصحيح كما فى استئجار شئ لم يسم له عوضا أصلا فاذا سمى العوض وهو المنفعة كان ذلك أولى بالتقويم (١) واذا ردد المؤجر بين أجرين فى زمنين بأن قال: ان عملت هذا العمل اليوم فلك دينار، وان عملته غدا فلك نصف دينار، ذهب الامام الى أنه يستحق الدينار ان عمله فى اليوم الأول، وان عمله فى اليوم الثانى فليس له الا أجر مثله لا ينقص عن نصف دينار ولا يزيد على دينار، وقال أبو يوسف ومحمد: الشرطان صحيحان جائزان فله دينار ان عمله فى اليوم الأول، وله نصف دينار ان عمله فى اليوم الثانى، وقال زفر والشافعى: الشرطان باطلا والاجارة فاسدة لأن الترديد بين عمل فى يومين ترديد فى الواقع بين عملين فكان المعقود عليه مجهولا مترددا بين عمل اليوم الأول وعمل اليوم الثانى، ووجه قول الصاحبين أن ما تم ليس عقدا واحدا بل هما عقدان بين فى كل منهما محله وأجره، والأجير ان نفذ العقد الأول استحق الأجر المبين به، وان عدل عنه الى الثانى لما جعل له من خيار فعمل العمل فى اليوم الثانى كان له أجره، ووجه قول أبى حنيفة أنه قد اجتمع فى اليوم الثانى بدلان مختلفان قدرا، ذلك لأن بدل العمل فى اليوم الأول يستمر الى اليوم الثانى بدليل أنه اذا لم يذكر لليوم الثانى بدل وقام الأجير بالعمل فيه استحق على عمله المسمى فى العقد وان لم يقم به فى اليوم الأول وعليه يكون أجر العمل فى اليوم الثانى مترددا بين أجر اليوم الأول وأجر اليوم الثانى فكان مجهولا، وذلك مفسد للاجارة فى اليوم الثانى فاذا عمل استحق أجر المثل لا ينقص عن نصف دينار ولا يزيد على دينار لاتفاق الطرفين على ذلك فى العقد (٢).

[استحقاق الأجرة]

[يرى الحنفية]

أن الأجرة لا يستحقها آجر العين على مستأجرها ولا الأجير على مستأجره بمجرد العقد، وانما تستحق باستيفاء المنفعة أو بالتمكن من استيفائها فلا يستحقها مؤجر العين الا اذا خلى بينها وبين مستأجرها، ولا يستحقها الأجير الا بالعمل ان كان أجيرا مشتركا أو الا بتسليم بنفسه اذا كان أجيرا خاصا (٣)، واذا كان الأجر عينا مشارا اليها وكان مما له حمل ومئونة احتيج


(١) البدائع ج‍ ٤ ص ١٩٣، ١٩٤.
(٢) البدائع ج‍ ٤ ص ١٨٦.
(٣) البدائع ج‍ ٤ ص ١٨٠.