للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الابتداء لم يجز له حبسه فان حبسه مع ذلك كان ظلما تبطل به ولايته، وكذلك الحكم فى الامام واذا انتهت مدة حبس المفلس أخرج من الحبس وان لم يأذن الدائنون. وكذلك اذا ثبت عند القاضى افلاسه بالبينة أو مما ظهر من حاله مع اليمين فانه يخرجه ويخلى سبيله وينظر فلا يطالب بدين سواء كان حالا أو مؤجلا حتى يجوز يساره عادة وذلك للآية السابقة ولحديث أبى سعيد «خذوا ما وجدتم وليس لكم الا ذلك». وحيث لا يطلب المفلس حينئذ فلا يمكن الدائنون من ملازمته ويحال بينه وبينهم الى أن يوسر لأن ملازمة المفلس وعدم الحيلولة بينه وبين الدائن تؤدى الى الاضرار به وبهم، لأن الناس يمتنعون من مشكلات التعامل معه ولأن انظار المعسر بنص الآية وبالقضاء انما يكون بترك ملازمته (١).

[مذهب الإمامية]

يحبس المديون غير ظاهر الفقر وليس له مال ظاهر ان ادعى الافلاس بديونه قبل اثباته. ويظل محبوسا حتى يظهر اعساره أو يثبت افلاسه بأى طريق من الطرق المذكورة قبل ذلك فى اثبات الافلاس فاذا ثبت افلاسه أو ظهر اعساره ولو قبل حبسه فلا يجوز حبسه حينئذ أى مدة كانت فيخلى القاضى سبيله وينظر الى أن يوسع الله عليه. ويجوز حبس الوالد فى دين ولده.

وقيل بالمنع. وكذلك لا تمنع الاجارة المتعلقة بعين الأجير المفلس من حبسه.

واذا ثبت الافلاس للمديون وعدم قدرته على أداء الدين شرعا وخلى القاضى سبيله لم يجز للدائن ملازمته الى أن يستفيد مالا لقوله صلّى الله عليه وسلّم للدائنين: «خذوا ما وجدتم وليس لكم الا ذلك» وهذا يدل على أنه ليس لهم ملازمته وليس لهم الا ما وجدوه. وأيضا لقوله تعالى: «فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ» وحيث لم يذكر سبحانه وتعالى الملازمة. ولصاحب الدين الحال أن يمنع المديون من السفر قبل قضاء الدين، لا أداء الدين الحال مع المطالبة والتمكن من الأداء واجب على الفور.

وله المنع من كل ما ينافيه. أما اذا كان الدين مؤجلا فليس لصاحبه منع المديون من السفر، سواء كان السفر مخوفا مثل السفر للجهاد أم لا وسواء ترك ما لا يفى بدينه هذا أم لا، اذ ليس للدائن مطالبته فى الحال بالدين. وكذلك ليس له مطالبته برهن ولا كفيل ولا اشهاد، لأنه ليس المطالبة بنفس الدين فبالأولى لا تكون له المطالبة بالرهن، والكفيل، وهو المفرط‍ فى حق نفسه حيث رضى بالتأجيل ابتداء بدون رهن ولا كفيل. ولا فرق بين أن يكون الأجل قليلا أو كثيرا، ولا بين أن يكون السفر الى موضع بعيد يستغرق سنة أو قريب يستغرق يوما. فلو بقى من الأجل نصف نهار ثم أراد المديون إنشاء سفر طويل يزيد على الأجل لم يكن لصاحب الدين المؤجل منعه من هذا السفر الذى يحل فيه الدين قبل رجوعه من سفره هذا فى حبس وملازمة المديون المفلس الذى ليس له مال ظاهر. أما اذا كان فى يده مال وادعى الافلاس وامتنع من دفع دينه خير القاضى بين حبسه وتعزيره، وبين بيع ماله عليه وقضاء دينه منه. كما يكون لدائنه ملازمته ومطالبته والاغلاظ‍ فى القول له مثل يا ظالم يا متعدى (٢).

[مذهب الإباضية]

اختلف فى حبس المفلس المجهول الحال يسارا واعسارا كما جاء فى المنهاج - قبل أن يثبت افلاسه على الوجه السابق ذكره فى اثبات الافلاس. فقيل:

يحبس ويطلب منه اثبات افلاسه. وقيل: يحلف ما عنده ما يؤدى به ما عليه كله ولا بعضه. وقيل:


(١) التاج المذهب ج ٤ ص ١٥٥ - ١٥٦ الطبعة السابقة، البحر الزخار ج ٥ ص ٨١ - ٨٢ الطبعة السابقة، شرح الأزهار ج ٤ ص ٢٧٧ - ٢٧٨ الطبعة السابقة.
(٢) الروضة البهية ج ١ ص ٣٤٦ ومفتاح الكرامة ج ٥ ص ١٨، ص ٣٢٧ والشرائع ج ١ ص ٢٠٢، ص ٢٠٣ الخلاف ج ١ ص ٦٢٤، ص ٦٢٥ قواعد الأحكام ج ١ ص ١٧٦ وتحرير الأحكام ج ١ ص ٢١٦، ٢١٧