للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الإِنفاق ورجع عليه، ولو أنفق عليه المستأجر بنية الرجوع على المالك صح مع تعذر إذن المالك أو الحاكم، وإن يشهد على الأقوى، ولو أهمل مع غيبة المالك ضمن لتفريطه إلا أن ينهاه المالك. ولو استأجر أجيرا لينفذه في حوائجه فنفقته على المستأجر في المشهور استنادا إلى رواية سليمان بن سالم عن الرضا عليه السلام ولاستحقاق منافعه المانع من ثبوت النفقة عليه، والأقوى أنه كغيره لا تجب نفقته إلا مع الشَّرط (١). وكل ما يتوقف عليه توفيه المنفعة فعلى المؤجر كالقنب والزمام والحزام والسرج والبرذعة ورفع المحمل والأحمال وشدها وحطها والقائد والسائق إن شرط مصاحبته والمدى في الفسخ لتوقف إيفاء المنفعة الواجبة عليه بالعقد اللازم فيجب من باب المقدمة. والأقوى الرجوع فيه إلى العرف، فإن انتفى أو اضطرب فعلى المستأجر لأن الواجب على المؤجر إنما هو العمل لأن ذلك هو المقصود من إجارة العين، أما الأعيان فلا تدخل في مفهوم الإِجارة على وجه يجب إذهابها لأجلها إلا في مواضع نادرة تثبت على خلاف الأصل كالرضاع والاستحمام ومثله الخيوط للخياطة والصبغ للصباغة والكش للتلقيح، وكذا يجب على المؤجر المفتاح في الدار لأنَّهُ تابع المغلق المثبت الذي يدخل في الإِجارة بل هو كالجزء منه وإن كان منقولا، ومن شأن المنقول أن لا يدخل في إجارة العقار الثابت، وأما مفتاح القفل فلا يجب تسليمه كما لا يجب تسليم القفل لانتفاء التبعية عرفا (٢).

[مذهب الإباضية]

جاء في شرح النيل أن المكترى إن قال للحمال: ادفع الحمل إلى فلان وخذ منه الكراء فلما قدم أبى أن يقبضه ويدفع الكراء أو وجده غائبا اختير أن يستردعه الوالى أو الجماعة إنسانا ولا يضمنه الإِنسان، وقال الأزهر بن على يرده لصاحبه حتما ويأخذ كراءه مرتين، قال صاحب النيل: هذه المسئلة كثر الابتلاء بها في بلادنا (٣) ومؤنة دابة كريت لحرث أو حمل وعلفها وشرابها ورعيها وأجرة راعيها على ربها كالعمل، يعنى أن على صاحبها الذي يعمل بنفسه أو بأمره عليها كل ما تحتاج إليها في نفسها كما أن عليه أن يعمل بنفسه أو بأمره على مستأجر عليها سواء شرط ذلك مالكها أو لم يشترطه، وإن شرطه المكترى على مالكها فله ذلك. وأما ما يحتاج إليه في عملها من أداة كسرج ولجام وقتب وخطام فهو إلى اتفاقهما لأن لكل رجوعا حتَّى يجب الكراء (٤). ومن أكرى دارا أو بيتا أو نحوهما لزمه نزع ما حدث عليها أو على البيت ونحوه سواء أحدثه هو أو غيره، والمعنى لزمه السعى في نزعه توفيرا لنفع المكترى من ضرر سواء أحدثه هو أو جاره أو غيرهما إن أضر بسكنى مكتريها، ويدرك نزعه على محدثه وإن لم يضر بسكناه جاز له نزعه وتركه، وكذا إن رضى المكترى بالمضرة فللمكرى أن يقوم بالنزع وأن لا يقوم به، وللمكترى إدراك النزع أيضا على محدثه ولو رضى به مالك الدار مثلًا إذ كان مضرة لمن اكتراها إن ضر سكناه، وإلا لم يدرك على


(١) المرجع السابق جـ ٢ ص ١١ نفس الطبعة.
(٢) المرجع السابق جـ ٢ ص ١٢ نفس الطبعة.
(٣) شرح النيل وشفاء العليل للشيخ محمد بن يوسف أطفيش جـ ٥ ص ٨ ص ٨٩ طبع محمد بن يوسف البارونى.
(٤) المرجع السابق جـ ٥ ص ١١٢، ص ١١٣ نفس الطبعة.