للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[آلة القصاص]

ونص الأحناف (١): على أن القصاص يكون بالسيف إن كان القتل بغيره، ونقل فى الدر عن الكافى أن المراد بالسيف السلاح وذكر أيضا أن ذلك هو ما صرح به فى كتاب «المضمرات» في باب الحج حيث قال: اننا ألحقنا الرمح والخنجر بالسيف فى قوله عليه الصلاة والسلام: «لا قود إلا بالسيف».

كما نصوا (٢): «على أن آلة القصاص فى العين بعد ذهاب ضوئها المرآة المحماة مع وضع قطن رطب على عين الجانى الذى يراد القصاص منها، وان ذلك مأثور عن جماعة من الصحابة.

ونصوا أيضا على أن القصاص فى السن يكون بالمبرد بأن تبرد به سن الجانى بقدر ما كسر من المجنى عليه».

ووافق الإباضية الأحناف فى هذا المسلك فقالوا (٣): «ويقتص بمثل السيف كالخنجر والموسى والشفرة الحادة، ولا يستعمل الكليل فى القصاص ولو كانت الجنايه بآلة كالة إلا إذا وجدت بعينها عند القصاص، ويضيفون إلى ذلك أن الجانى اذا فر أو امتنع جاز أن يسلط‍ عليه سبع أو كلب».

كما نصوا (٤): على أن من فقئت عينه أو تلفت نتيجة عدوان فإن المقتص يجعل على وجه المقتص منه مانعا من حرارة النار ثم يحمى مرآة هندية فيمسكها مقابلها حتى تسيل، ويصح باليد إذا لم يتجاوز ما فعل به، ويقولون فى السن عند القصاص أنها تنشر بمبرد حتى تساويها أو تساوى اللثة.

وعلق على ذلك شارح كتاب «النيل» بقوله: لا يحسن شئ من هذا، والواجب الدية.

أما الحنابلة (٥) ففى روايه عن أحمد أن القصاص لا يستوفى إلا بالسيف فى العنق وهو مذهب الشيعة الجعفرية (٦) والزيدية (٧) يستدلون بحديث «لا قود الا بالسيف» رواه ابن ماجة، والرواية الأخرى عن أحمد: أن القصاص يعتمد المماثلة (٨) لأن الجانى أهل لأن يفعل به كما فعل لقوله تعالى: «وَإِنْ عاقَبْتُمْ فَعاقِبُوا بِمِثْلِ ما عُوقِبْتُمْ بِهِ» (٩). وقوله: «فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدى عَلَيْكُمْ ١٠».

ولأن النبى صلى الله عليه وسلم رض رأس يهودى - أى هشمها - لرضه رأس جارية من الأنصار، ولما روى أنه قال:

«من حرق حرقناه … » إلخ. وهو مذهب الشافعية والمالكية والظاهريه (١١)، ورأى أورده الشيعة الجعفريه عن أبن الجنيد، وان كان بعضهم يختلف فى بعض استثناءات وتصويرات تصورها كتبهم.

يقول الشافعية (١٢): «إن من قتل بمحدد كسيف أو غيره كحجر أو خنق أو تجويع ونحوه كتغريق بماء ملح أو عذب اقتص


(١) تنوير الأبصار والدر مع حاشية أبن عابدين ج‍ ٥ ص ٣٧٦ تكملة الفتح على الهداية والعناية.
بهامشه ج‍ ٨ ص ٢٦٠، الكنز بشرح العينى ج‍ ٢ ص ٣٠٢ مطبعة وادى النيل بمصر سنة ١٢٩٩.
(٢) الكنز لشرح العينى ج‍ ٢ ص ٣٠٥ تكملة الفتح ج‍ ٨ ص ٢٧٠، ٢٧١.
(٣) شرح كتاب النيل وشفاء العليل ج‍ ٨ ص ٢٠٣، ٢٠٦.
(٤) المرجع السابق ج‍ ٨ ص ٢١٩، ٢٢٠.
(٥) المغنى ج‍ ٧ ص ٦٨٥
(٦) الروضة البهية ج‍ ٢ ص ٤١٤.
(٧) البحر الزخار ج‍ ٥ ص ٢٣٥، ٢٣٧.
(٨) المغنى ج‍ ٧ ص ٦٨٥.
(٩) سورة النحل: ١٢٦.
(١٠) سورة البقرة: ١٩٤.
(١١) المحلى ج‍ ١٠ ص ٤٥٠.
(١٢) المنهاج وحواشيه ج‍ ٧ ص ٢٨٩.