للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

العالم به لغير العالم به فيتناوله فيموت، وكذلك الحية يرميها على شخص فيموت.

وقال الدسوقى (١): انه إذا أشار بآلة القتل إلى شخص فهرب فطلبه فمات فإما أن يموت بدون سقوط‍ أو يسقط‍، وفى كل ذلك إما أن يكون بينهما عداوة أو لا، فإن لم يكن عداوة فليست بآلة قتل موجبة للقصاص، وإن كان بينهما عداوة فهى آلة قتل موجب للقصاص.

والعبرة عند الظاهريه (٢) فى العمد ان تكون الآلة مما قد يمات بمثله وقد لا يمات بمثله، مع التعمد، فإذا تعمد بما لا يموت به أحد أصلا لم يكن عمدا ولا خطأ.

ولا يبعد الشيعة الجعفريه عن مسلك الظاهرية فهم يقولون (٣): إن آلة القتل العمد ما يقتل به غالبا أو نادرا إذا اتفق به القتل، نظرا لأن العمد يتحقق بقصد القتل من غير نظر إلى الآلة فانه إذا لم يقصد به القتل وإن اتفق الموت كالضرب بالعود الخفيف والعصا الخفيفة فى غير مقتل اعتبر القتل شبه خطأ

ويقولون أيضا أنه لو كرر ضربه بما لا يحتمل مثله بالنسبة إلى بدنه وزمانه فهو عمد، وكذا لو ضربه دون ذلك فاعقبه مرض فمات أو رماه بسهم أو بحجر غامز - أى كابس على البدن بثقله، أو خنقه بحبل ولم يرخ عنه حتى مات، أو بقى المخنوق ضمينا - أى مزمنا - ومات بذلك، أو طرحه فى النار فمات، أو فى اللجة فمات منها ولم يقدر على الخروج أو جرحه عمدا فسرى الجرح عليه ومات، أو ألقاه من مكان شاهق أو قدم له طعاما مسموما يقتل مثله ولم يعلمه، أو جعله فى منزله ولم يعلمه به، أو حفر بئراً بعيدة القعر فى الطريق، أو فى بيته ودعا غيره إلى المرور عليها مع جهالته بها فوقع فمات، أو أغرى به كلبا عقورا فقتله ولا يمكنه التخلص … إلى غير ذلك مما لا يخرج عن ما ورد فى كتب المالكية والحنابلة.

ومسلك الزيدية: أن آلة القتل الخطأ ما مثله لا يقتل فى العادة، والعمد ما مثله يقتل فى العادة، ويقولون (٤) أن كل ما يحصل عقبه الموت فهو إما شرط‍ أو علة أو سبب.

فالشرط‍ كمن حفر بئرا أو أعطى سكينا أو نصب سلما فتوصل به القاتل إلى القتل فلا شئ على فاعل الشرط‍ إلا التوبة، وأن حصل الموت عقب علة من غير واسطة كالإغراق وإصابة المقتل، أو بواسطة كجرح قاتل بالسراية إلى المقتل فهو موجب للقود، وأما السبب فمنه ما يشبه المباشرة كالإكراه وشهادة الزور وتقديم الطعام المسموم، وهذا موجب للقصاص، وما لا يشبهه كحفر بئر فى الطريق فيوجب الديه.

ولا يختلف مذهب الإباضية فى جملته عن الشافعية والحنابلة إلا أن الإباضية يذكرون (٥) قولا بأن آلة شبه العمد ما ليس من شأنه القتل كالسوط‍ والعصا واللطمة والوكز، أو ما من شأنه القتل لكن ليس بقصد القتل كفعل الذابح لولده، أو يكون على صفة القتل وتتقدمه القرائن على عدم القتل كالمصارعة.


(١) المرجع السابق ج‍ ٣ ص ٢٤٤.
(٢) المحلى ج‍ ١٠ ص ٤١٧.
(٣) الروضة البهية ج‍ ٢ ص ٣٩٧ - ٣٩٨.
(٤) البحر الزخار ج‍ ٥ ص ٢١٥، ٢١٦.
(٥) شرح كتاب النيل ج‍ ٨ ص ٩٢، ٩٤.