للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجاء فى المسودة فى أصول الفقه لآل تيمية الحنابلة (١): ان الاستحسان فسره الحلوانى بأوجه ثم قال: ويحتمل عندى أن يكون الاستحسان ترك القياس الجلى وغيره لدليل نص من خبر واحد أو غيره أو ترك القياس لقول الصحابى فيما لا يجرى فيه القياس. وهذا ظاهر كلام أبى الخطاب فى كتاب الهداية فى مسألة العينة حيث قال لا يجوز استحسانا وقال انه رأى مثل ذلك التعريف للفخر اسماعيل فى كتابه الجدل.

[النسبة بين الاستحسان والقياس]

مجال الكلام فى النسبة بين الاستحسان والقياس يتجلى فى مسلك الحنفية وأول ما يوجهنا فى مراجعنا عبارة البزودى القائل: (٢) ان الاستحسان عندنا أحد القياسين، ويقول صدر الشريعة (٣): ان القياس ينقسم الى جلى وخفى فالخفى يسمى بالاستحسان لكنه أعم من القياس الخفى فان كل قياس خفى استحسان وليس كل استحسان قياسا خفيا لان الاستحسان قد يطلق على غير القياس الخفى لكن الغالب فى كتب أصحابنا يريد الحنفية أنه اذا ذكر الاستحسان أريد القياس الخفى - فى مقابل الجلى وقد أوضح الكمال فى التحرير كما أوضح أمير بادشاه فى شرحه هذا المقام (٤)، اذ نصا على أن الحنفية قسموا القياس الى جلى وهو ما تبادر الى الافهام وجهه والى ما هو خفى من هذا التبادر وهو ما يسمى بالاستحسان والاول الذى هو الجلى يسمى بلفظ‍ القياس فكأنه لكماله يختص باسم القياس فلفظ‍ القياس يستعمل فى معنيين أحدهما الاعم المقسم للجلى والخفى.

والثانى ما يقابل الخفى وهو الجلى وقد يطلق الاستحسان على ما هو اعم من القياس الخفى وهو بهذا الاعتبار كل دليل فى مقابلة القياس الظاهر نصا كان كالسلم أو اجماعا كالاستصناع أو ضرورة كطهارة الحياض والآبار وقريب من هذا ما أورده منلاخسرو والازبدى فى المرقاة وشرحها المرآة (٥) ولا يخرج ما فى كشف الاسرار على البزدوى (٦)، والمنار للنسفى وشرحه لابن ملك (٧): عن هذا التصوير فى النسبة بين القياس والاستحسان الذى يفيد أن الاستحسان يطلق على قسم من القياس لا يخرج عنه كما يطلق على ما هو أعم من هذا القسم فيكون بين الاستحسان والقياس عموم وخصوص وجهى.

[الصلة بين الاستحسان والمصلحة]

يبدو مما أوردنا من التعريفات أن الاستحسان دليل مستقل ينفرد بمفهومه


(١) ص ٤٥١ مطبعة المدنى.
(٢) البزدوى ج‍ ٤ ص ١١٢٣
(٣) التوضيح ج‍ ٣ ص ٢
(٤) ج‍ ٤ ص ٧٨.
(٥) ص ٢٥٠، ٢٥١
(٦) ج‍ ٤ ص ١١٣٢
(٧) ص ٨١١