للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويضمن لرب المال رأس ماله لأنه لما عاد الى دار الحرب التحق بحربى لم يكن فى دارنا قط‍ وذلك ينافى عقد المضاربة بينه وبين المسلم لأن ما هو أقوى من المضاربة وهو عصمة النكاح منقطع بتباين الدارين حقيقة وحكما فانقطاع المضاربة بهذا السبب أولى.

وجاء فى الهداية على فتح القدير (١): أنه لو كان المضارب هو المرتد فالمضاربة على حالها لأن له عبارة صحيحة ولا توقف فى ملك رب المال فبقيت المضاربة، قال قاضى (٢) زاده فى هذا احتمالان عقليان أحدهما أن يكون قول صاحب الهداية هذا ناظرا الى قوله وان ارتد رب المال ولحق بدار الحرب بطلت المضاربة فيكون المعنى. ولو كان المضارب هو المرتد اللاحق بدار الحرب فالمضاربة على حالها أى هى غير باطلة وثانيهما أن يكون قوله هذا ناظرا الى قوله: وقبل لحوقه يتوقف تصرف مضاربه عند أبى حنيفة رحمه الله تعالى فيكون المعنى ولو كان المضارب هو المرتد قبل لحوقه فالمضاربة على حالها أى لا يتوقف تصرفه عند أبى حنيفة أيضا بل يجوز جميع تصرفاته عندهم جميعا وقد ذهب الى المعنى الأول صدر الشريعة فى شرح الوقاية حيث قال فى شرح قول صاحب الوقاية وتبطل بموت أحدهما ولحاق المالك مرتدا بخلاف لحاق المضارب بدار الحرب مرتدا حيث لا تبطل المضاربة لأن له عبارة صحيحة واقتضى أثره من المتأخرين صاحب الدرر والغرر وصاحب الاصلاح والايضاح وهو الظاهر من نفس عبارة الوقاية أيضا حيث أضيف فيها الموت المبطل الى أحدهما مطلقا واللحاق المبطل الى المالك فقط‍ فدلت على أن لحاق المضارب لا يبطل بناء على أن تخصيص الشئ بالذكر فى الروايات يدل على نفى الحكم عما عداه بالاتفاق كما نصوا عليه قال قاضى زاده ذلك المعنى ليس بصحيح عندى اذ تقرر فى باب أحكام المرتدين أن المرتد لحق بدار الحرب وحكم الحاكم بلحاقه صار من أهل الحرب وهم أموات فى حق أحكام الاسلام.

[مذهب المالكية]

جاء فى (٣) الخرشى المشهور أن الذمى اذا خرج من دار الاسلام لدار الحرب لغير مظلمة لحقته ناقضا للعهد وأخذناه فانه يسترق على المشهور وقال أشهب رحمه الله تعالى أنه لا يسترق لأن الحر لا يعود الى الرق أبدا ووجه المشهور أن الحرية لم تثبت له بعتاق من رق متقدم حتى لا تنقض وانما ترك على حالة من الجزية التى كانت عليه آمنا على نفسه وماله بين ظهرانى المسلمين لما بذله من الجزية فان امتنع عن أداء الجزية لم يحصل له الغرض وكان للمسلمين الرجوع فيه وكان كالصلح ينعقد بين المسلمين وأهل الحرب على شروط‍ فان لم يوفوا بها انتقض الصلح وأما


(١) الهداية على فتح القدير ج‍ ٧ ص ٧٦ الطبعة السابقة.
(٢) فتح القدير وتكملته ج‍ ٧ ص ٧٦ وما بعدها الطبعة السابقة نتائج الأفكار فى كشف الرموز والأسرار لقاضى زاده فتح القدير ج‍ ٧ ص ٧٦ وما بعدها الطبعة السابقة.
(٣) كتاب الخرشى شرح المحقق الفاضل سيدى أبى عبد الله محمد الخرشى على مختصر الجليل للامام أبى الضياء سيدى خليل بهامشه حاشية العلامة الشيخ على العدوى ج‍ ٣ ص ١٥٠ وما بعدها الطبعة الثانية طبع المطبعة الكبرى الأميرية ببولاق مصر المحمية سنة ١٣١٧ هـ‍.