للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

مملوكة الأب. ولا يجوز لأحدهما أن يطأ مملوكة الأخر ما لم يكن عقد أو تحليل.

نعم يجوز أن يقوم الأب مملوكة ابنه الصغير على نفسه ثم يطأها.

[الأب وصداق أولاده]

مذهب الحنابلة (١):

لأب المرأة الحرة أن يشترط‍ شيئا من صداقها لنفسه، بل يصح ولو اشترط‍ الكل، لأن شعيبا زوج موسى عليهما الصلاة والسلام ابنته على رعاية غنمه، ولأن للوالد الأخذ من مال ولده، لقوله عليه الصلاة والسلام: «أنت ومالك لأبيك» ولقوله عليه الصلاة والسلام: «إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أولادكم من كسبكم» رواه أبو داود والترمذى وحسنه

فإذا شرط‍ شيئا لنفسه من مهر ابنته صح إذا كان ممن يصح تملكه (انظر مصطلح تملك)، فيكون ذلك أخذا من مالها، فتعتبر له شروطه

فإذا تزوجها على ألف لها، وألف لأبيها صح ذلك، وكان الألفان جميعا مهرها، وعلى أن الكل له يصح أيضا، وكان الكل مهرها، ولا يملكه الأب إلا بالقبض مع النية لتملكه كسائر مالها، وشرطه إلا يجحف بمال البنت، وقيل ليس بشرط‍.

فإن طلقها قبل الدخول بعد قبضه رجع الزوج عليها فى الأولى بألف لأنه نصف الصداق، وفى الثانية بقدر نصف ما شرط‍ له، ولا شئ على الأب فيما أخذه من نصف أو كل إن قبضه بنية التملك، لأنه أخذه من مال أبنته فلا رجوع عليه بشئ منه كسائر مالها، وإن طلقها قبل القبض للصداق المسمى سقط‍ عن الزوج نصف المسمى ويبقى النصف للزوجة ويأخذ الأب من النصف الباقى لها ما شاء.

وللأب تزويج ابنته البكر والثيب بدون صداق مثلها وإن كرهت، كبيرة كانت أو صغيرة، لأن عمر خطب الناس وقال:

«لا تغالوا فى صداق النساء، فما أصدق النبى صلى الله عليه وسلم أحدا من نسائه ولا بناته أكثر من اثنتى عشرة أوقية» وكان ذلك بمحضر من الصحابة ولم ينكر، فكان اتفاقا منهم على أن له أن يزوج بذلك وإن كان دون مهر مثلها، ولأنه ليس المقصود من النكاح العوض، وإنما المقصود السكن والازدواج ووضع المرأة فى منصب عند من يكفيها ويصونها.

والظاهر من الأب مع تمام شفقته وحسن نظره أنه لا ينقصها من الصداق إلا لتحصيل المعانى المقصودة، بخلاف عقود المعاوضات، فإن المقصود منه العوض.

وإن زوج الأب ابنه الصغير بمهر المثل أو أكثر صح، لأن تصرف الأب ملحوظ‍ فيه المصلحة، ولزم الصداق ذمة الابن، لأن العقد له، ولا يلزم به الأب إلا إذا ضمنه. وإن تزوج امرأة فضمن أبوه أو غيره نفقتها عشر سنين مثلا صح الضمان موسرا كان الأب أو معسرا. وإن دفع الأب الصداق عن ابنه الصغير أو الكبير ثم طلق الابن قبل الدخول فنصف الصداق


(١) كشاف القناع ج‍ ٣ ص ٨٠.