للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المؤكدة دون ترك الواجب وأنه مقول بالتشكيك ولا مانع من أن تكون الكراهة كذلك وفى شرح المنية ما نصه: فالحاصل أن المستحب فى حق الكل وصل السنة بالمكتوبة من غير تأخير الا أن المستحب فى حق الامام أشد حتى يؤدى تأخيره الى الكراهة لحديث عائشة رضى الله تعالى عنها (١).

بخلاف المقتدى والمنفرد. ونظير هذا قولهم: يستحب الاذان والاقامة للمسافر ولمن يصلى فى بيته فى المصر، ويكره تركهما للاول دون الثانى فعلم أن مراتب الاستحباب متفاوتة كمراتب السنة والواجب والفرض فيكون بعض المستحبات تركها مكروه تنزيها وبعضها غير مكروه، ومنه الاكل يوم الاضحى فانه لو لم يؤخره الى ما بعد الصلاة لا يكره مع أن التأخير مستحب والمراد نفى الكراهة أصلا ثم قال: وبذلك يندفع الاشكال لان المكروه تنزيها الذى ثبتت كراهته بالدليل يكون خلاف الاولى، ولا يلزم من كون الشئ خلاف الاولى أن يكون مكروها تنزيها ما لم يوجد دليل الكراهية.

والحاصل أن خلاف الاولى أعم من المكروه تنزيها، وترك المستحب خلاف الاولى دائما لا مكروه تنزيها دائما، بل قد يكون مكروها ان وجد دليل الكراهة والا فلا (٢).

[العلاقة بين الاستحباب والوجوب]

جاء فى حاشية قوانين الاصول أن الواجب ضد لكل واحد من الاستحباب والكراهة والاباحة (٣)، ثم ذكر أنه قد يجتمع الوجوب النفسى مع الاستحباب للغير كاستحباب غسل الجنابة للصلاة المندوبة على القول بوجوبه لنفسه، وكذلك قد يجتمع الوجوب الغيرى مع الاستحباب النفسى على القول الآخر ويرى ابن رشد أن الاستحباب يغاير الجواز والوجوب فقد قال: وأما استقبال القبلة بالذبيحة فان قوما استحبوا ذلك وقوما أجازوا ذلك وقوما أوجبوه وقوما كرهوا أن لا يستقبل بها القبلة (٤).

هذا ويمكن أن يحمل الامر على الاستحباب فقد ذكر صاحب قوانين الاصول أنه اذا قال قائل: ان ظاهرت فاعتق رقبه، وان ظاهرت فاعتق رقبة مؤمنة فانه يمكن الجمع


(١) لعل صاحب منية المصلى يقصد بذلك ما رواه مسلم فى صحيحه عن عبد الله بن شقيق قال سألت عائشة رضى الله عنها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تطوعه فقالت كان يصلى فى بيتى قبل الظهر أربعا ثم يخرج فيصلى بالناس ثم يدخل فيصلى ركعتين وكان يصلى بالناس المغرب ثم يدخل فيصلى ركعتين ويصلى بالناس العشاء ويدخل بيتى فيصلى ركعتين وكان يصلى من الليل تسع ركعات فيهن الوتر وكان يصلى ليلا طويلا قائما وليلا طويلا قاعدا، وكان اذا قرأ وهو قائم ركع وسجد وهو قائم واذا قرأ قاعدا ركع وسجد وهو قاعد وكان اذا طلع الفجر صلى ركعتين، انظر صحيح مسلم بشرح النووى ج‍ ٦ ص ٨ طبع المطبعة المصرية ومكتبتها.
(٢) حاشية ابن عابدين على البحر الرائق فى كتاب مع البحر الرائق ج‍ ٢ ص ٣٤ الطبعة الاولى بالمطبعة العلمية.
(٣) قوانين الاصول للقمى ص ٣٢ الطبعة السابقة.
(٤) بداية المجتهد ونهاية المقتصد ج‍ ١ ص ٤٣٥.