للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومثله فى كشاف القناع فى فقه الحنابلة والبحر الزخار فى فقه الزيدية والايضاح فى فقه الإباضية (١).

[بم يتحقق استقبال القبلة]

[مذهب الحنفية]

قال الحنفية (٢): المصلى لا يخلو اما أن يكون قادرا على استقبال القبلة أو يكون عاجزا عنه.

فان كان قادرا يجب عليه التوجه الى القبلة ان كان فى حال مشاهدة الكعبة فالى عينها، وان كان غائبا عنها يجب عليه التوجه الى جهتها، وهى المحاريب المنصوبة بالامارات الدالة عليها. لا الى عينها وتعتبر الجهة دون العين كذا ذكر الكرخى والرازى، وهو قول عامة مشايخنا بما وراء النهرين.

وقال بعضهم المفروض اصابة عين الكعبة بالاجتهاد والتحرى، وهو قول أبى عبد الله البصرى.

وجه قول هؤلاء قول الله تعالى «فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ وَحَيْثُ ما كُنْتُمْ}

{فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ» الآية: من غير فصل بين حال المشاهدة والغيبة، ولان لزوم الاستقبال لحرمة البقعة، وهذا المعنى فى العين لا فى الجهة، لان قبلته لو كانت الجهة لكان ينبغى له اذا اجتهد فأخطأ الجهة يلزمه الاعادة لظهور خطئه فى اجتهاده بتيقن.

ومع ذلك لا تلزمه الاعادة بلا خلاف بين أصحابنا فدل أن قبلته فى هذه الحالة عين الكعبة بالاجتهاد والتحرى.

ووجه قول الاولين: أن المفروض هو المقدور عليه، واصابة العين غير مقدور عليها، فلا تكون مفروضة، ولان قبلته لو كانت عين الكعبة فى هذه الحالة بالاجتهاد والتحرى، لترددت صلاته بين الجواز والفساد، لانه ان أصاب عين الكعبة بتحرية جازت صلاته، وان لم يصب عينها لا تجوز صلاته، لانه ظهر خطؤه بيقين الا أن يجعل كل مجتهد مصيبا وهو خلاف المذهب، أما اذ جعلت قبلته الجهة وهى المحاريب المنصوبة فلا يتصور ظهور الخطأ فنزلت الجهة فى هذه الحالة منزلة عين الكعبة فى حال المشاهدة.

وأما اذا كان عاجزا فلا يخلو اما أن يكون عاجزا لعذر مع العلم بالقبلة.

واما أن يكون عاجزا بسبب الاشتباه.

فان كان الاول فله أن يصلى الى أى جهة كانت ويسقط‍ عنه الاستقبال.


(١) كشاف القناع مع هامش شرح منتهى الارادات ج‍ ١ ص ٢٠٢، ٢٠٣ الطبعة السابقة وكتاب البحر الزخار الجامع لمذاهب علمه الأمصار للامام أحمد بن يحيى بن المرتضى ج‍ ١ ص ٢٠٢ طبع مطبعة السعادة بمصر الطبعة الأولى سنة ١٣٦٦ هـ‍، والايضاح مع حاشية السدويكشى ج‍ ١ ص ٣٦٢ الطبعة السابقة.
(٢) بدائع الصنائع للكاسانى ج‍ ١ ص ١١٨، ١١٩ الطبعة السابقة.