للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الاقرار بالزنا]

بكم مرة من الاقرار (١) تجب الحدود على المقر؟ قال أبو محمد رحمه الله: اختلف الناس فى هذا. فقالت طائفة باقراره مرة واحدة تجب اقامة الحدود وهو قول الحسن بن حى. وحماد بن ابى سليمان. وعثمان البتى. ومالك والشافعى وابى ثور. وابى سليمان وجميع اصحابهم ..

وقالت طائفة: لا يقام على أحد حد الزنا باقراره حتى يقر على نفسه اربع مرات. ولا يقام عليه حد القطع فى السرقة حتى يقر على نفسه مرتين وحد الخمر مرتين. وأما فى القذف فمرة واحدة وهو قول روى عن ابى يوسف صاحب ابى حنيفة. ثم استعرض ابن حزم حديث ماعز من طرقه المختلفة وحديث الغامدية والجهينية.

وقال أنه صلّى الله عليه وسلّم رجم الغامدية والجهينية دون ترديد فى الاعتراف. وانه بعد ان سمع قصة العسيف وأقسم لمحدثيه بالله ليقضين بينهما بكتاب الله وقضى بينهما. ثم قال: واغد يا أنيس على امرأة هذا فان اعترفت فارجمها فغدا عليها فاعترفت فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجمت. والاعتراف كان بمرة واحدة كما هو حكم الاطلاق. فكان ذلك كله دليلا على أن الحجة فى ثبوت الزنا بالاقرار هو الاعتراف مرة واحدة. اما ترديد ماعز أربع مرات او اكثر فلشك النبى صلى الله عليه وسلم فى عقله وتقديره أنه لا يعرف حقيقة الزنا. وارادته صلّى الله عليه وسلّم التوثق من سلامته ومعرفته لا لان الحجة تعدد الاقرار.

[مذهب الزيدية]

[التعريف]

الاقرار لغة ضد الانكار. واصطلاحا:

اخبار المكلف عن نفسه او عن موكله بحق يلزمه: والتعريف صريح فى ان الاقرار اخبار وليس انشاء. والحق اعم من ان يكون ماليا عينا أو دينا او يؤول الى المال أو حقا غير مالى والاصل فى الاقرار الكتاب والسنه والاجماع والقياس:

أما الكتاب. فقول الله تعالى: «بل الانسان على نفسه بصيرة» قال ابن عباس رضى الله عنهما: يعنى شاهدة. وشهادة الانسان على نفسه هى الاقرار ..

وأما السنة. فقوله صلّى الله عليه وسلّم وفعله:

أما قوله: فما روى عنه «من أتى شيئا من هذه القاذورات فليستتر بستر الله. فمن ابدى لنا صفحته أقمنا عليه حق الله تعالى - وفى حديث ابن عمر رضى الله عنهما - أجتنبوا هذه القاذورات. التى نهى الله عنها فمن الم بشئ منها فليستتر بستر الله. والقاذورات جمع قاذورة وهى الفعل القبيح والقول السئ والمراد بها هنا ما فيه حد كالزنا والشرب بدليل قوله - أقمنا عليه حق الله تعالى ويندب لمن أتى فاحشة أن لا يظهرها لحديث أبى هريرة رضى الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (كل امتى معافى الا المجاهرين وان من المجانة أن يعمل الرجل بالليل عملا ثم يصبح وقد ستره الله فيقول: يا فلان عملت البارحة كذا وكذا. وقد بات يستره ربه ويصبح يكشف ستر الله عنه رواه البخارى ومسلم.


(١) المحلى الجزء ١١ ص ١٧٦ وما بعدها.