للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب الشافعية]

الدين المؤجل لا يحل بافلاس ذلك المدين قبل الحجر عليه بلا خلاف وكذلك بعد الحجر عليه بدين حال فى أظهر الاقوال، لأن الأجل مقصود له فلا يفوت عليه وذمة المفلس باقية بحالها لم تخرب بافلاسه بخلاف الموت وقيل: يحل بالحجر عليه لأن الحجر للافلاس يوجب تعلق الدين بالمال فيسقط‍ الأجل كما فى الموت وبناء على الأظهر اذا بيعت أموال المفلس فلا يدخر منها شئ للدين المؤجل فان حل الدين قبل القسمة أو معها التحق بالحالة لعدم خروج المال عن ملك المفلس وقت حلوله.

هذا فى الديون المؤجلة على المفلس.

أما الديون المؤجلة له على غيره فانهاوان كانت لا تحل أيضا بافلاسه الا أنها تعتبر من الاموال التى يشملها الحجر، فلا يصح من المفلس التصرف فيها بابراء ونحوه (١).

[مذهب الحنابلة]

لا يحل الدين المؤجل بافلاس من عليه هذا الدين رواية واحدة على ما قاله القاضى، لأن الأجل حق للمفلس فلا يسقط‍ بافلاسه كسائر حقوقه بخلاف الموت على الرواية التى توجب حلول الدين المؤجل به، لخراب الذمة بالموت دون الافلاس. وبناء على ذلك فاذا حجر على المفلس فلا يشارك أصحاب الديون المؤجلة أصحاب الديون الحالة، بل يقسم مال المفلس الموجود بين أصحاب الديون الحالة فقط‍، ويبقى المؤجل فى الذمة إلى وقت حلوله ولا يوقف الدين المؤجل شئ من مال المفلس. ولا يرجع صاحبه على الدائنين بشئ لذا حل دينه لأنه لم يستحق مشاركتهم حال القسمة فلا يستحق الرجوع عليهم بعد ذلك لكن ان حل دينه قبل القسمة شاركهم لمساواته لهم. وان حل دينه بعد قسمة بعض المال شارك فى الباقى من المال بحصة دينه كله.

ويقاسم باقى الدائنين معه ببقية ديونهم قال صاحب المحرر فى الفقة: والقول بعدم حلول الدين المؤجل بالافلاس هو المذهب. وذكر أبو الخطاب فى الدين المؤجل على المفلس رواية أخرى أنه يحل بافلاسه لأن الافلاس يتعلق بسببه الدين بالمال فأسقط‍ الأجل كالموت، وبناء على هذه الرواية فصاحب الدين المؤجل كصاحب الدين الحال سواء. وهذا اذا كان الدين المؤجل على المفلس. اما اذا كان له على آخر دين مؤجل فان افلاسه لا يوجب حلوله على هذا المديون الآخر اتفاقا (٢).

[مذهب الظاهرية]

قال ابن حزم: لا يحل الدين المؤجل على المفلس بافلاسه، سواء طلب الدائن ذلك أم لم يطلب لأن من لم يحل أجل حقه فلا حق له بعد. وهذا فيمن أفلس فى حال حياته. أما من مات مفلسا أو غير مفلس فيحل الدين المؤجل عليه أو له لأن الآجال تحل كلها بموت الذى له الحق أو الذى عليه الحق (٣)، لقوله تعالى: {مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ} (٤)، فصح أن يموت الإنسان بطل حكمه عن ماله وانتقل إلى ملك الدائنين وعقد الدائنين أو المديونيين فى تأجيل ما لهم أو عليهم انما كان بلا شك بينهم وبين المتوفى اذا كان حيا، وقد انتقل الآن عن ملكه الى ملك غيره فلا يحل للورثة امساك مال دائن ميتهم الا بطيب نفس منه لأن عقده انما كان مع المتوفى فلا يلزمه أن يبقى ماله بأيدى ورثة لم يعاملهم قط‍، كما لا يحل للمديونين استيفاء شئ من مال الورثة والموصى لهم بغير طيب أنفسهم فبطل حكم التأجيل فى ذلك ووجب للورثة والموصى لهم أخذ حقوقهم (٥)

[مذهب الزيدية]

لو حجر على المفلس لأجل ديون حالة وعليه ديون


(١) نهاية المحتاج بحاشية الشبراملسى ج ٣ ص ٣٠٩ - ٣١١، شرح المنهاج للمحلى بحاشية قليوبى وعميرة ج ٢ ص ٢٨٦
(٢) المغنى والشرح الكبير ج ٤ ص ١٨٥، ٥٠١، ٥٠٢ والمحرر فى الفقة ج ١ ص ٣٤٥، كشاف القناع وشرح المنتهى بهامشه ج ٢ ص ١٤٩، ٢١٨
(٣) المحلى ج ٨ ص ٦٣٤ مسألة رقم ١٢٨٠
(٤) الاية رقم ١٢ من سورة النساء
(٥) المحلى ج ٨ ص ٤٧٦ مسألة رقم ١٢٠٧