للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

سواء أكان ذلك قبل قبضها أو فى أثناء مدة الاجارة أو بأن يحدث فى العين ما يمنع نفعها أو بأن تغصب على ما بينا أو بأن يحدث خوف عام يمنع من الانتفاع بها كأن يحضر البلد العدو فيمتنع الخروج منها الى الأرض المستأجرة للزرع ونحو ذلك ففى مثل ما تقدم تنفسخ الاجارة أو يثبت حق الفسخ للمستأجر على حسب اختلاف الأحوال مثل ما لو استأجر دابة ليركبها أو يحمل عليها الى مكان معين فينقطع الطريق اليه لخوف حادث أو اكترى للحج فلم يحج الناس هذا العام فانه يكون للمستأجر فسخ العقد ان أحب أو الابقاء عليه الى حين امكان استيفاء المنفعة ويثبت هذا الحق لكل من المتعاقدين كما يكون الابقاء على العقد باتفاقهما فأما اذا كان الخوف خاصا بالمستأجر مثل أن يخاف وحده لقرب أعدائه من الموضع الذى أراده أو وجودهم فى طريق لم يكن له حق الفسخ لأنه عذر خاص به لا يمنع استيفاء المنفعة بالكلية فأشبه مرضه وكذلك لو حبس المستأجر أو مرض أو ضاعت نفقته أو تلف متاعه لم يملك فسخ الاجارة لذلك لأن عدم الانتفاع فى هذه الحال لمعنى من جهته فلم يمنع ذلك وجوب الأجر عليه كما ترك الانتفاع اختيارا (١).

[مذهب الظاهرية]

جاء فى المحلى لابن حزم وان اضطر المستأجر الى الرحيل عن البلد أو اضطر المؤاجر الى ذلك فان الاجارة تنفسخ اذا كان فى بقائها ضرر على أحدهما كمرض مانع أو خوف مانع أو غير ذلك لقوله تعالى «وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ» وقوله: «ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (٢)». وهذا قول أبى حنيفة (٣).

[مذهب الزيدية]

يرى الزيدية أن فسخ الاجارة بالأعذار جائز غير أنه يجب أن يكون فى مواجهة العاقد الآخر أو يعلمه به بكتاب أو برسول وانما تنفسخ بالعذر الذى يزول معه الغرض من عقدها سواء أكان من جهة المستأجر أم من جهة العين المستأجرة مثل أن يستأجر من يقلع له ضرسا فيبرأ ضرسه قبل قلعه فان الاجارة تبطل فى هذه الحال وكذلك لو أفلس المستأجر قبل تسليم الأجرة أو ماطل فى دفع الأجرة الواجبة الأداء وكذلك لو استأجر دابة أو خادما للسفر ثم عرض له عذر يمنعه من السفر لخوف يغلب معه العطب ظنا أو لعذر أو استأجر دارا وعرض له مانع من الاقامة فيها أو حانوتا ليتجر فيه فمنعه افلاس من التجارة أو أضرب عن عمارة الأرض التى استأجرها للبناء عليها أو أضرب عن الزرع وقد استأجر له الأرض سواء أكان الاضراب لعذر أو لغير عذر فهذه الأعذار كلها يزول معها الغرض من عقد الاجارة ولا بد فى الفسخ بناء عليها من تراضى العاقدين أو حكم القاضى بذلك وانما يعتبر العذر فى حق المستأجر لا فى حق المؤجر كذا فى الزوائد ولا يكون العدول عذرا الا اذا كان عدولا تاما لا مثنوية فيه أى «لا رجوع فيه» ومن العذر مرض من لا يقوم برعاية شئونه فى مرضه الا الأجير ومن الأعذار أن يحتاج الى حفظ‍ بيته مرض زوجته وتشييع جنازتها ومن الأعذار


(١) المغنى ج‍ ٦ ص ٢٩، ص ٣٠.
(٢) سورة الحج: ٧٨.
(٣) ج‍ ٨ ص ١٨٧ مسألة ١٢٩٢.