للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وراع وأمرهم أن يخرجوا فيها فيشربوا من ألبانها وأبوالها، ثم قال ابن حزم فرسول الله صلّى الله عليه وسلّم انما أباح للعرنيين شرب أبوال الابل وألبانها على سبيل التداوى من المرض ثم ذكر حديثا آخر وبعده قال: فصح يقينا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انما أمرهم بذلك على سبيل الدواء من السقم الذى أصابهم وأنهم صحت أجسامهم بذلك والتداوى بمنزلة ضرورة. وقد قال تعالى «وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ ما حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ» فما اضطر اليه المرء فهو غير محرم عليه من المأكل والمشرب (١).

[مذهب الزيدية]

جاء فى البحر الزخار: (من غص بلقمة ولم يجد ما يسوغها الا الخمر جاز له شربها اجماعا قلت وكذا لو خشى التلف بالعطش وكذلك لو خاف التلف من قادر توعده.

فأما التداوى بها فمحرم لقوله صلّى الله عليه وسلّم لم يجعل الله شفاءكم فيما حرم عليكم، ولعدم اليقين فى حصول الشفاء قلت فان خشى من علته التلف وقطع بزوالها بشرب الخمر جاز له التداوى بها كمن غص بلقمة) وهو الاقرب عندى.

ثم قال وان لم يقطع بزوالها لم يجز، اذ الخبر يقتضى ان لا شفاء به فيبطل ظن حصوله .. فان لم يخش التلف وقطع بارتفاع الضرر ففيه تردد والأقرب الجواز، كما يجوز ترك الواجب لخشية الضرر وان لم يقطع لم يجز (٢).

[الاضطرار الى طعام الغير]

[مذهب الحنفية]

جاء فى الدر المختار: الأكل للغذاء والشرب للعطش ولو من حرام .. أو مال غيره وان ضمنه فرض يثاب عليه به. وقد علق ابن عابدين على هذه العبارة فقال: فمن خاف الموت، ومع رفيقه طعام أخذ بالقيمة منه قدر ما يسد جوعته وكذا يأخذ قدر ما يدفع العطش (٣).

[مذهب المالكية]

يذهب المالكية الى أنه يباح للمضطر أن يتناول من طعام الغير القدر اللازم لازالة اضطراره. غير أنهم يفرقون بين المال المحرز وغيره.

فأن كان المال غير محرز فانه يباح للمضطر أن يأخذ من هذا المال


(١) المحلى ج ١ ص ١٧٠ - ١٧٥.
(٢) البحر الزخار ج ٤ ص ٣٥١ طبعة سنة ١٣٦٨ هـ‍
(٣) الدر وحاشية ابن عابدين ج ٥ ص ٢٩٥ - ٢٩٦.