أو تحمل أمته، لأن الهبة عقد تمليك فى الحياة فلم تصح فى هذا كله كالبيع.
ثم قال: قد ذكرنا أن هبة المجهول لا تصح، نص عليه أحمد فى رواية أبى داود وحرب، وبه قال الشافعى.
قال شيخنا ويحتمل أن الجهل اذا كان من الواهب منع الصحة، لأنه غرر فى حقه، وان كان من الموهوب له لم يمنعها، لأنه لا غرر فى حقه فلم يعتبر فى حقه العلم بما يوهب له كالوصية.
وقال مالك تصح هبة المجهول، لأنه تبرع فصح فى المجهول كالنذر والوصية.
ولنا أنه عقد تمليك لا يصح تعليقه بالشروط فلم يصح فى المجهول كالبيع بخلاف النذر والوصية، فأما مالا يقدر على تسليمه فتصح هبته فى أحد الاحتمالين اذا قلنا أن القبض ليس بشرط فى صحة الهبة.
[مذهب الظاهرية]
جاء فى المحلى (١) أن من وهب شيئا غير معين من جملة أو عدد كذلك أو زرعا كذلك أو وزنا كذلك أو كيلا كذلك، فهو باطل، لا يجوز، مثل أن يعطى درهما من هذه الدراهم، أو دابة من هذه الدواب، أو خمسة دنانير من هذه الدنانير، أو رطلا من هذا الدقيق، أو صاعا من هذا الثمر، أو ذراعا من هذا الثوب، وهكذا فى كل شئ، والصدقة بكل هذا والهبة، والاصداق، والبيع، والرهن، والاجارة باطل كل ذلك سواء فيما اختلفت أبعاضه، أو لم تختلف، لا لشريك، ولا لغيره، ولا لغنى، ولا لفقير، لأنه لم يوقع الهبة، ولا الصدقة، ولا الصداق، ولا الرهن، ولا الاجارة على شئ أبانه عن ملكه.
لما روينا من طريق عبد الرازق عن معمر سألت الزهرى عن الرجل يكون شريكا لأبيه، فيقول له أبوه: لك مائة دينار من المال الذى بينى وبينك؟ فقال الزهرى قضى أبو بكر وعمر رضى الله عنهما أنه لا يجوز حتى يحوزه من المال ويعزله.
وباسناده الى معمر عن سماك بن الفضل كتب عمر بن عبد العزيز أنه لا يجوز من النحل الا ما أفرد وعزل.
ثم قال ابن حزم: ومن أعطى شيئا من غير مسألة ففرض عليه قبوله وله أن يهبه بعد ذلك، وبعد أن ساق ابن حزم الدليل النقلى على ذلك قال: ولا يخلو من اعطاء سلطان أو غير سلطان كائنا من كان من بر أو ظالم من أحد ثلاثة أوجه لا رابع لها.
(١) المحلى لابن حزم الظاهرى ج ٩ ص ١٥٢ ص ١٥٣، ١٥٤ مسألة رقم ١٦٢٤ ومسألة رقم ١٦٣٥ الطبعة السابقة.