للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقوم مقامهما لا يجب عليه أن يستدين مالا فى ذمته ليحج به اذا لم يكن عنده ما يقضيه به ولا جهة له يوفى منها على الراجح. وكذلك لا يلزمه الحج اذا أعطى له مال - يمكنه به الوصول الى مكة - على جهة الصدقة أو الهبة فلم يقبله ولا يلزمه قبوله عند الجميع الا أن يكون ولده هو الباذل للمال على الأظهر، لأن الولد من كسبه ولا منة له عليه فى ذلك وكذلك لا يلزمه أن يحج ويسأله ما يقتات به فى طريقه الا أن كان من عادته السؤال بالحضر ومنه عيشه وعلم أو ظن أنه يعطى فى السفر ما يكفيه فالراجح أنه يجب عليه الحج.

وكذلك لا يلزم الشخص المعسر التكسب وجمع المال لأجل أن يحصل ما يحج به ولا أن يوفر ويجمع ما فضل عن كسبه مثلا كل يوم حتى يصير مستطيعا بل له أن يتصدق به.

واذا كان مع الشخص ما يكفيه لسفره لكن اذا سافر وحج أصبح معسرا لا شئ له، أو كان له أولاد ونحوهم ممن تلزمه نفقتهم اذا حج لم يبق لهم شئ فالمشهور انه يجب عليه الحج من غير نظر الى ما يؤول اليه أمره وأمر أهله وأولاده فى المستقبل، لأن ذلك أمره الى الله. وهذا ان لم يخش من اعساره بذلك هلاكا أو أذى شديدا على نفسه أو على من تلزمه نفقته.

وقال سحنون وابن حبيب: يشترط‍ مصاحبة الزاد والراحلة، فلا يجب الحج عندهما على من أعسر بهما حتى ولو كان له صنعة أو قدرة على المشى (١).

[مذهب الشافعية]

لا يجب الحج ولا العمرة على من أعسر بالزاد الذى يكفيه أو أوعيته، أو أعسر بما يحتاج اليه فى السفر مدة الذهاب والاياب، أو أعسر بالراحلة شراء واستئجارا على تفصيل فى كل هذا ينظر فى مصطلح «حج».

والوقت المعتبر فى اعسار الشخص بهذا يمتد من وقت خروج أهل بلده للحج الى حين عودهم اليه فمن أعسر فى جزء من ذلك الوقت لم يلزمه حج فى تلك السنة ولا عبرة بيساره قبل ذلك الوقت أو بعده.

ولو تكلف المعسر الحج أو العمرة فانه يجزئه ذلك عن حجة الاسلام وعمرته أداء أو قضاء لما أفسده منهما قبل ذلك (٢).

[مذهب الحنابلة]

لا يجب الحج ولا العمرة على المعسر الذى لا يملك الزاد الذى يحتاج اليه فى ذهابه ورجوعه وان كان قويا مكتسبا وقال الشيخ مجد الدين: يجب عليه الحج ان كان قادرا


(١) الحطاب ج ٢ ص ٤٩٨ - ٥٠٨ مطبعة السعادة الطبعة الأولى سنة ١٩٢٨ هـ‍، الخرشى ج ٢ ص ٢٣٠ - ٣٣٢، حاشية الدسوقى على الشرح الكبير للدردير ج ٢ ص ٦ - ٨
(٢) اشرح المحلى على المنهاج بحاشيتى قليوبى وعميرة ج ٢ ص ٨٥، ٨٦ طبعة الحلبى لحفة المحتاج ج ١ ص ٤٢٩ - ٤٣١ المطبعة الوهبية سنة ١٩٢٨