للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

برهان ذلك قول الله عز وجل «فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا ما كَتَبَ اللهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ‍ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ‍ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ ١».

وهذا نص ما قلنا، لان الله تعالى أباح الوط‍ ء والأكل والشرب الى أن يتبين لنا الفجر.

ولم يقل تعالى: حتى يطلع الفجر.

ولا قال حتى تشكوا فى الفجر.

فلا يحل لاحد أن يقوله، ولا أن يوجب صوما بطلوعه ما لم يتبين للمرء.

ثم أوجب الله تعالى التزام الصوم الى الليل وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا يغرن أحدكم نداء بلال من السحور ولا هذا البياض حتى يستطير.

وقال ابن حزم (٢): والأسير فى دار الحرب ان عرف رمضان لزمه صيامه ان كان مقيما، لانه مخاطب بصومه فى القرآن الكريم.

فان سوفر به أفطر ولا بد لانه على سفر وعليه قضاؤه.

فان لم يعرف الشهر وأشكل عليه سقط‍ عنه صيامه ولزمته أيام أخر ان كان مسافرا، والا فلا.

برهان ذلك قول الله تعالى «فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ ٣».

فلم يوجب الله تعالى صيامه الا على من شهده.

وبالضرورة ندرى أن من جهل وقته لم يشهده قال الله عز وجل «لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَها» (٤) وقال الله تعالى «وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ ٥» فلم يكن فى وسعه معرفة دخول رمضان فلم يكلفه الله تعالى صيامه بنص القرآن.

[مذهب الزيدية]

جاء فى شرح الأزهار وهامشه (٦): أنه اذا كان شخص فى سجن أو نحوه، كأن يكون فى مكان لا تبلغه فيه الشرائع أو أن يكون هو ذاهلا عن عدد الشهور، والتبس عليه شهر رمضان متى هو، لعدم ذكره للشهور الماضية، ولعدم من يخبره بذلك، فانه يسقط‍ عنه وجوب


(١) الآية رقم ١٨٧ من سورة البقرة.
(٢) المحلى لابن حزم الظاهرى ج ٦ ص ٢٦١، ص ٢٦٢ الطبعة السابقة مسألة رقم ٧٦٩.
(٣) الآية رقم ١٨٥ من سورة البقرة.
(٤) الآية رقم ٢٨٦ من سورة البقرة.
(٥) الآية رقم ٧٨ من سورة الحج.
(٦) شرح الأزهار المنتزع من الغيث المدرار لأبى الحسن عبد الله بن مفتاح وهامشه ج ٢ ص ١٠، ص ١١، ص ١٢، ص ١٣، ص ١٤ الطبعة السابقة.