للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لأن كلا منهما مطلوب فالوجوب إنما تعين بأدلة خارجة عن ذات الطلب. واستدل ببعض ما سبق وبنى عليه أنه إذا ثبت ذلك "ثبت المطلوب وهو أن الأمر المطلق "صيغة افعل التي لم تقيد بقرينة" للوجوب بالكتاب والسنة (١) ثم قال: إن ذلك هو ما عليه الجمهور (٢).

وقد تبين من هذه النقول مذهب الجمهور فيما تفيده الصيغة على سبيل الحقيقة وأدلتهم على اختلاف مناهج الاستدلال مع اتفاقهم على أنها حقيقة في الوجوب ما لم تصرف عن إفادته بعض القرائن.

[القائلون بأن صيغة الأمر تدل حقيقة على غير الوجوب]

وأما غير الجمهور فإنهم يختلفون عنهم في ذلك:

- فمنهم من يرى أن صيغة الأمر حقيقة في الندب.

- ومنهم من يرى أن صيغة الأمر حقيقة في الإباحة.

- ومنهم من يقول إنها مشترك لفظى بين الوجوب والندب.

- ومنهم من يقول إنها مشترك لفظى بين الثلاثة الوجوب والندب والإباحة.

- ومنهم من يقول إنها مشترك لفظى بين هذه الثلاثة وبين التهديد.

- ومنهم من قال إنها مشترك بين الوجوب والندب والإرشاد.

- وقيل هي مشتركة بين الوجوب والندب والإباحة والتهديد والإرشاد.

- وقيل مشتركة بين الأحكام الخمسة: "الوجوب والندب والتحريم. والكراهة والإباحة".

- ومنهم من قال بالتوقف بين مختلف هذه الدلالات.

- ومنهم من قال إنها مشترك معنوى بين مطلق طلب الفعل الذي يصدق على الوجوب وعلى الندب.

[١ - القول بأنها حقيقة في الندب]

ينسب هذا إلى أبى هاشم الجبائى وعامة المعتزلة وجماعة من الفقهاء وهو رواية عن الشافعي (٣) وقد مال إليه اليزدوى في كتابه (٤) ولخص حجة القائلين به في أن معنى الإباحة أو الندب من الوجوب بعضه في التقرير كأنه قاصر لا مغاير لأن الوجوب ينتظمه. ثم قال: وهذا أصح.

وعلق البخارى على ذلك مشيرًا إلى أن الشيخ قد جمع في قوله بين الإباحة والندب وبين الخلاف فيهما على نمط واحد. ثم نقل شبهة القائلين بأن الأمر حقيقة في الندب وهم بعض أصحاب الشافعي وجمهور أصحاب الحديث فقال:

وشبهتهم أن المندوب بعض الواجب لأن الواجب هو ما يثاب على فعله ويعاقب على تركه والندب ما يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه


(١) المصدر السابق ص ٣٩.
(٢) المصدر السابق ص ٤٠.
(٣) إرشاد الفحول ص ٩٤ حاشية عزمى زادة على شرح المنار ص ١٢٠ الإحكام للآمدى جـ ٢ ص ٢١٠.
(٤) كشف الأسرار جـ ١ ص ١١٩.