للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الايصال أو أشهد من لا يجوز كأهل الكبائر فان ذلك تضييع أيضا وعليه فانه يلزم الرسول الغرم للغريم اتفاقا كما اذا أقر بأنه لم يوصله أو بأنه ضيعه (١)، وان دفع رسول الغريم الدين لمن يوصله لربه فأوصله بدون أمر الغريم ففيه قولان أحدهما: أنه يضمن الرسول مثله للغريم سواء وصل أو لم يصل، وعد الرسول متبرعا على من عليه الحق بأن أعطى عنه فيرد له ما قبض منه ليوصله الى من له الحق حين خالف أمر من أرسله لانه أمره أن يعطى المال لصاحبه ولم يأمره أن يرسله فكان ارساله تضييعا له فضمنه وبرئ الغريم أو من عليه الحق أن وصل، وثانيهما: أنه لا يضمن الرسول للغريم أو لمن عليه الحق ان وصل صاحب المال وقال صاحب شرح النيل: وهذا عندى أظهر لان انتفاع من عليه المال ببراءة ذمته لذلك الدفع يزيح ضمان الرسول له لانه صرف ماله فى نفعه كما أراد لانه أراد ايصال هذا المال الى صاحب الحق أو الدين فوصل والمقصود بالذات الوصول مع أن المعنى معقول فليس فى وصوله بيد غير الرسول ما يقوى على تضمين الرسول ويناسب هذا قول من أقام الرسول مقام المرسل (٢)، وان تلف من يد رسول الغريم قبل الوصول ضمن ان ضيع أما اذا لم يضيع فلا يضمن والدين على الغريم.

[العلاقة بين التوكيل والارسال]

[مذهب الحنفية]

جاء فى الفتاوى الهندية نقلا عن الجامع الصغير أن أبا حنفية رحمه الله تعالى قال:

اذا اشترى شخص طعاما ولم يره ووكل وكيلا يقبضه فقبضه الوكيل بعد ما رآه ونظر اليه فليس للمشترى أن يرده (أى بخيار الرؤية) ولو أرسل رسولا يقبضه فقبضه الرسول بعد ما رآه ونظر اليه فللمشترى أن يرده (٣) (أى بخيار الرؤية) وفى المبسوط‍ ان الوكيل هو العاقد وترجع اليه حقوق العقد فى البيع بخلاف الرسول، فانه سفير ومعبر ومضيف العقد الى المرسل فثبت أن الوكيل، مباشر للعقد، بخلاف الرسول فانه عبارة عن مبلغ، ولذلك كان قبض الوكيل بعد الرؤية مسقطا لحق الموكل (٤) فى خيار الرؤية بخلاف (٥) قبض الرسول فأنه لا يسقطه ولو من الرؤية شئ، والدليل على الفرق بين الوكالة والرسالة أن الله تعالى أثبت صفة الرسالة لنبيه صلى الله عليه وسلم ونفى الوكالة فى قوله تعالى: {(وَما مُحَمَّدٌ ٦ إِلاّ رَسُولٌ}


(١) شرح النيل وشفاء العليل للشيخ محمد أطفيش ج ٤ ص ٤٩٧، ٤٩٨.
(٢) المرجع السابق ج ٤ ص ٤٩٩، ٥٠٠.
(٣) الفتاوى الهندية ج‍ ٣ ص ٢٠٦.
(٤) المبسوط‍ للسرخسى ج ١٢ ص ٢٠٣ الطبعة الأولى طبع مطبعة السعادة بجوار محافظة مصر.
(٥) المرجع السابق ج ١٣ ص ٧٣.
(٦) الآية رقم ١٤٤ من سورة آل عمران.