للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يفهم منه التكرار. وفيه أن ذلك لعدم فهم العلية.

وذلك لا يستلزم الاطراد.

وقيل إن ذلك للقرينة فإن من قال لعبده، إذا شبعت فاحمد الله فهم منه التكرار. وهو مغلوب عليه بل ذلك أيضا لفهم العلية.

سابعًا: الإباضية: (١)

إذا علق الأمر على وصف اعتبر ذلك الوصف الذي علق عليه الأمر، فإن كان من الأوصاف المؤثرة في الحكم الثابتة بالدليل فإن الأمر يتكرر بتكرارها، وذلك كما في قوله تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا} وكما في قوله تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا} فإن عرف أهل الشرع قد اقتضى تكرار الأمر المعلق بنحو ما ذكر في الآيتين لقيام الدليل على طلب تكراره.

وإن كان من الأوصاف غير الثابتة بالدليل فلا يفيد الأمر المعلق بها تكرارا إلا بدليل آخر يقتضى التكرار. وذلك نحو: حج بيت الله راكبا، واصعد السطح إن كان السلم مركوزا. فإن الحج لا يتكرر بتكرار الركوب. وصعود السطح لا يتكرر بتكرار ركوز السلم.

أما المعلق على صفة ثابتة بالدليل فلا خلاف فيه بين أحد من العلماء، وأما المعلق على الصفة غير الثابتة بالدليل فالأكثر على أنه لا يتكرر وهو اختيار البدر الشماخى - رحمه الله تعالى - وقال الإسفرايينى: بل يجب تكرره - وحجته في ذلك قوله تعالى: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ} الآية قال هو ومن تابعه على ذلك إنه يجب الوضوء على من أراد القيام للصلاة وهو محدث.

وأجيب بأن تكرره في الآية بدليل خاص لا بمجرد الأمر ولا بنفس تعلقه بذلك الوصف. وهو على هذا داخل تحت ما علق على صفة ثابته بالدليل، وكلامنا فيما علق على غير الثابت بالدليل.

وأجاب أيضا عن استدلالهم بآية الزنا بان هذا من القبيل الأول أيضا وكلامنا في غيره فالتكرار عنده بدليل والدليل أعم من القرينة فيشملها وغيرها وهو يشترط في الدليل أن يكون مقصودا في كونه مقتضيا تكرار الأمر فيخرج بذلك النائم والساهى والمجنون فإنه لا يعتبر بأمرهم فكيف بقرائنه. وذلك أن تخرج أيضا ما قامت القرينة الحالية أو المقالية على تخصيصه من ذلك فإن قول القائل كلما دخلت السوق فاشتر اللحم يعلم من حاله أنه إذا دخل كل ساعة أو في أوقات لا يوجد فيها اللحم مثلا أو في أوقات ليست محلا لشراء اللحم أن هذا كله غير مراد للقائل، فيثبت تكراره بحسب ما قصد من دليل التكرار.

[قضاء الواجب بالأمر الأول والخلاف في ذلك]

إذا ورد الأمر بعبادة في وقت مقرر فلم تفعل فيه لعذر أو لغير عذر أو فعلت فيه على نوع من الخلل. اختلف العلماء في وجوب قضائها بعد ذلك الوقت. هل هو بالأمر الأول؟ "أمر الأداء" أو بأمر مجدد؟ (٢) ويتضح الخلاف فيما نورده بعد:

[أولا: طريقة المتكلمين]

١ - الغزالى (٣)

مذهب بعض الفقهاء أن وجوب القضاء


(١) شرح طلعت الشمس على الألفية ٤٩/ ١.
(٢) الإحكام للآمدى جـ ٢ ص ٢٦٢.
(٣) المستصفى جـ ٢ ص ١٠.