للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عرفة (١). قال في العتيبية في آخر رسم من سماع يحيى: وسألته عن الرجل يغيب عن أهله وله أولاد صغار في حجر أمهم تلزمه نفقتهم، فإذا قدم ادعت امرأته وهى أمهم أنها أنفقت عليهم من مالها، أيلزمه ذلك أم يبرأ بمثل ما يبرأ به من نفقتها إذا زعم أنه كان يبعث بها إليها ولا يكون لها عليه شئ إلا أن ترفع أمرها إلى السلطان؟ قال: حالها فيما تدعى من الإنفاق من مالها بمنزلة ما تدعى أنها أنفق على نفسها إذا لم ترفع ذلك إلى السلطان حتى يقدم لم تصدق، وإن رفعت ذلك إلى السلطان فرض لها ولهم إذا عرف أنه ملئ وحسبه لها عليه من يوم يفرضه، وكان لها دين تتبع به (٢). ثالثا: حكم الامتناع عن نفقة المملوك: جاء في التاج والإِكليل نقلا عن ابن رشد رحمه الله تعالى أنه يقضى للعبد على سيده إن قصر عما يجب له عليه بالمعروف في مطعمه وملبسه، بخلاف ما يملكه من البهائم فإنه يؤمر بتقوى الله في ترك إجاعتها ولا يقضى عليه بعلفها والفرق بين العبد والدابة أن العبد مكلف تجب عليه الحقوق من الجنايات وغيرها فكما يقضى عليه يقضى له، والدابة غير مكلفة لا يجب عليها حق ولا يلزمها جناية، فكما لا يقضى عليها لا يقضى لها. قال ابن عرفة رضى الله تعالى عنه: وقال أبو عمر: يجبر الرجل على أن يعلف دابته أو يبيعها أو يذبحها إن كانت مما يؤكل ولا يترك يعذبها بالجوع، قال ابن عرفة: لازم هذا القضاء عليه لأنه منكر وتغيير المنكر واجب القضاء به وهذا أصوب من نقل ابن رشد. وقال ابن شاس رحمه الله تعالى: يجب على رب الدواب علفها أو رعيها إن كان في رعيها ما يقوم بها، فإن أجدبت الأرض تعين عليه علفها، فإن لم يعلف أخذ بأن يبيعها ولا يجوز أن يشرب لبنها بحيث يضر بنتاجها (٣).

[مذهب الشافعية]

أولا: حكم الامتناع عن نفقة الزوجة: جاء في مغنى المحتاج أن نفقة الزوجة مال يجب بالشرع ويستقر في الذمة مثل الكفارة، فهى معاوضة في مقابلة التمكين من الاستمتاع، ولا تسقط بمضى الزمان (٤). وجاء في المهذب أن الزوج كان موسرا وامتنع من الإِنفاق لم يثبت لها الفسخ لأنه يمكن الاستيفاء بالحاكم، وإن غاب وانقطع خبره لم يثبت لها الفسخ لأن الفسخ يثبت بالعيب بالإِعسار، ولم يثبت الإعسار، ومن أصحابنا من ذكر فيه وجها آخر أَنه يثبت لها الفسخ لأن تعذر النفقة بانقطاع خبره كتعذرها بالإِعسار (٥). قال صاحب مغنى المحتاج ولو طلبت الزوجة بدل الحب خبزا أو قيمة وامتنع الزوج أو طلب الزوج إعطاء ذلك وامتنعت لم يجبر الممتنع منهما لأنه غير واجب،


(١) المرجع السابق جـ ٤ ص ٢١١، ص ٢١٢ المرجع السابق.
(٢) المرجع السابق جـ ٤ ص ٢٠١ نفس الطبعة.
(٣) التاج والإكليل لمختصر خليل للمواق جـ ٤ ص ١٠٦ الطبعة السابقة ومواهب الجليل لشرح مخنصر خليل للحطاب جـ ٤ ص ٢٠٧ الطبعة السابقة.
(٤) مغنى المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج للشيخ محمد الشربينى الخطيب جـ ٣ ص ٣٩١، ص ٣٩٢ في كتاب على هامشه من المنهاج للإمام أبى زكريا يحيى بن شرف النووى.
(٥) المهذب لأبى إسحاق إبراهيم بن علي بن يوسف الفيروز آبادى الشرازى جـ ٢ ص ١٦٣ في كتاب أسئلة النظم المستعذب في شرح غريب المهذب للعلامة محمد بن أحمد بن بطال الركبى طبع مطبعة عيسى البابى الحلبى وشركاه بمصر.