للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[مذهب الإباضية]

وللإباضية (١) قولان فى غبار النجس ورماده. أحدهما: أنه يطهر بالإحراق.

والراجح عندهم أنه لا يطهر بالاحراق لأن غبرة الشئ جزء لطيف منه. أما دخانه فقد قالوا بطهارته لأنه لا توجد فيه ذات النجس ولا طعمه ولا لونه ولا رائحة يحكم على النجاسة بها.

أما المتنجس بغيره فلا خلاف عندهم فى طهارة غباره ورماده وجمره ودخانه.

[استعمال المحروقات]

لا خلاف بين فقهاء المذاهب فى جواز استعمال الرماد المتخلف من محروق طاهر غير أن التيمم بالرماد أو بما خالطه الرماد من تراب الأرض أو بمدفون المحروق فموضعه الكلام على التيمم، انظر «تيمم».

وفيما يحرق من أجل التجمير «تبخير»، فموضعه مصطلح «تجمير».

الإحراق بأمر الإمام أو ولى الأمر

هناك أحوال شتى يكون فيها للإمام أو ولى الأمر استعمال النار فى الإحراق كما أن ثمة قيودا على استعمال النار فى نواح أخرى.

نتكلم فيما يلى على الفروض التى قيل بجواز الإحراق فيها، وما لا يجوز من المثلة والتعذيب بالنار.

إحراق رحال الغالَّ للغنيمة ومتاعه

نص الحنابلة (٢): على إحراق رحال الغالَّ للغنيمة ومتاعه، واكتفى الحنفية (٣) والمالكية (٤) والشافعية (٥) بالقول بأنه يؤدب، وقال الإمام الشافعى لا يرجل الغال عن دابته فيحرق سرجه ومتاعه، لأن الرجل لا يعاقب فى ماله، وإنما يعاقب فى بدنه. وإنما جعل الله الحدود على الأبدان، وكذلك العقوبات. وأما المال فلا توقع العقوبة عليه.

وقال الحنابلة: إن حكم الغال - وهو الذى يكتم ما يأخذه من الغنيمة فلا يطلع الإمام عليه ولا يضعه فى الغنيمة - أن يحرق رحله كله.

وقال ابن قدامة: وبهذا قال الحسن وفقهاء الشام، ومنهم مكحول والأوزاعى وأن سعيد بن عبد الملك أتى بغال فجمع ماله وأحرقه وعمر بن عبد العزيز حاضر ذلك فلم يعبه.

وقال يزيد بن يزيد بن جابر: إن السنة فى الذى يغل أن يحرق رحله. وقد رواه سعيد فى سننه. والدليل ما روى صالح


(١) شرح النيل ج‍ ١ ص ٢٦٩.
(٢) المغنى ج‍ ١٠ ص ٥٣٢ وما بعدها.
(٣) الزيلعى ج‍ ٣ ص ٢٤٤ وابن نجيم ج‍ ٥ ص ٨٣.
(٤) الحطاب ج‍ ٣ ص ٣٥٤.
(٥) الأم ج‍ ٤ ص ٢٥١.