للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يجوز لهما أن يصطلحا على تأخير قبضه القرض بعد ثبوته - قاله الشيخ أحمد فى الجامع - بدون تأجيل، وذلك برضى رب القرض بالتأخير ما لم ير أثر عدم الرضا.

قال فى كتاب الألواح: وما من رجل أقرض لرجل شيئا معلوما فضرب له أجلا يوفيه ماله فان ذلك القرض لا يجوز ولا يحل سبيله سبيل الربا لأنه جر منفعة فهو حرام وذلك الأجل زيادة ونفع لمن أقرض له ذلك الشئ فاذا كان فى القرض زيادة معقود عليها كما هنا فهو ربا. وهذا من صاحب كتات الألواح رحمه الله تعالى يدل على أن الزيادة تكون ربا سواء كانت فى جانب المشترى أو فى جانب البائع وكذلك الحال فى النقص، وايضا هو فى جنب المقرض لأن للأجل قسطا من الثمن ويدل على جواز القرض الى أجل ولو من أول الامر حديث التسلف من يهودى الى وقت الصدقة. وجاء فى الديوان أنه ان أقرض الى اجل معلوم فالقرض جائز والاجل بأطل، ومنهم من يقول، جائز الى ذلك الأجل. وفى الأثر اختلف فى مقرض الى اجل فقيل: ليس له ان يطلب الشئ المقترض قبل الأجل لأنه من خلف الوعد وقيل: له ان يطالبه بلا اضرار بملازمة وللمقترض اداءه قبل الأجل لأن أجل القرض غير ثابت أى لو أبى المقرض من القبض هو ظاهر كلام الشيخ احمد رحمه الله تعالى المذكور فى كتاب الألواح أن النهى عن الجر للمنفعة الوارد فى الحديث يعم جانب المقرض والمقترض.

وروى فى صحيح البخارى باسناده عن أبى هريرة رضى الله تعالى عنه عن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ذكر رجلا سأل بعض بنى اسرائيل أن يسلفه ألف دينار فدفعها اليه الى أجل مسمى أجله وقال ابن عمر وعطاء رضى الله تعالى عنهم، اذا أجل فى القرض جاز. وفى موضع آخر أن ابن عمر قال فى القرض الى أجل مسمى: لا بأس به وان أعطى أفضل من دراهم ما لم يشترط‍ (١).

[حكم قضاء دين القرض واستيفائه]

[مذهب الحنفية]

جاء فى حاشية أبن عابدين على الدر المختار أنه لو استقرض شخص من الفلوس الرائجة والدراهم غالبة الغش فكسدت فعليه مثلها كاسدة اذا هلكت وان لم تكن هلكت فعليه أن يرد عينها اتفاقا كما فى صرف الشرنبلالية ولا يغرم قيمتها وكذا كل ما يكال أو يوزن لانه مضمون بمثله فلا عبرة بغلائه ورخصه ذكره فى المبسوط‍ من غير خلاف وجعله فى البزازية وغيرها قول الامام وعند الثانى عليه قيمتها يوم القبض وعند الثالث عليه قيمتها فى آخر يوم رواجها وعليه الفتوى فلو قال اقرضنى دانق حنطه فأقرضه ربع حنطة فعليه أن يرد مثله، واذا استقر عشرة أفلس ثم كسدت لم يكن عليه الا مثلها فى قول أبى حنيفة رحمهم الله تعالى جميعا عليه قيمتها من الفضة يستحسن ذلك. وان استقرض دانق فلوس أو نصف درهم فلوس ثم رخصت أو غلت لم يكن عليه الا مثل عدد الذى اخذه وكذلك لو قال أقرضنى عشرة دراهم غلة


(١) شرح النيل وشفاء العليل لمحمد بن يوسف اطفيش ج ٤ ص ٤٥٠ الطبعة السابقة