للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

[مذهب الشافعية]

المشهور من مذهب الشافعى أنه لا يعتمد على الخط‍ لا فى القضاء ولا فى الشهادة، لاحتمال التزوير فيها، فإن كانت محفوظة وبعد التزوير فيها وتذكرها القاضى أو الشاهد يجوز الاعتماد عليها، وإن لم يتذكرها فالصحيح عدم جواز الاعتماد (١).

[مذهب الحنابلة]

إذا رأى القاضى حجة فيها حكمه لإنسان وطلب منه إمضاؤه، فعن أحمد ثلاث روايات:

إحداها: أنه إذا تيقن أنه خطه نفذه، وإن لم يذكره، وأختاره فى الترغيب، وقدمه الشيخ مجد الدين فى التحرير ومثله الشاهد إذا وجد شهادة بخطه.

الثانية: أنه لا ينفذه إلا إذا تذكره فان لم يتذكره لم ينفذه.

الثالثة: إذا كان فى حرزه وحفظه كقمطره نفذه، وإلا فلا.

وقال إسحاق بن إبراهيم: قلت لأحمد رضى الله عنه: الرجل يموت وتوجد له وصية تحت رأسه من غير أن يكون قد أشهد عليها أحداً، فهل يجوز إنفاذ ما فيها؟

قال: إن كان قد عرف خطه وهو مشهور الخط‍، فإنه ينفذ ما فيها.

قال الزركشى: نص عليه الإمام أحمد رضى الله عنه واعتمده الأصحاب.

وقد نص فى الشهادة على أنه إذا لم يذكرها ورأى خطه لا يشهد حتى يذكرها.

وقال الإمام فيمن كتب وصيته وقال اشهدوا على بما فيها: أنهم لا يشهدون إلا أن يسمعوها منه أو تقرأ عليه فيقر بها.

فنص الإمام رضى الله عنه على الصحة وجواز التنفيذ بعد معرفة الخط‍ فى الصورة الأولى.

ونص على عدم الصحة وعدم جواز الشهادة إلا بعد السماع أو الإقرار بعد القراءة فى الصورة الثانية.

وقد أختلف أصحاب أحمد فى ذلك، فمنهم من خرج فى كل مسألة حكم الأخرى وجعل فيها وجهين بالنقل والتخريج، فجوز عدم الصحة فى الأولى أخذا من الثانية، وجعل فى الثانية وجها بالصحة أخذا من الأولى، ومنهم من منع التخريج وأقر النصين، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وفرق بين الحالتين بأنه فى الحالة الأولى انتفى احتمال التغيير فى الوصية بالزيادة والنقص بعد موت الموصى، فلم تمنع الشهادة عليها.

وفى الثانية هذا الاحتمال قائم لوجود الموصى فمنعت الشهادة عليها ما لم يتأكد بالسماع أو الإقرار .. فالروايات عن الإمام مختلفة فى الأخذ بالخط‍ واعتباره حجة (٢).


(١) الأشباه والنظائر للجلال السيوطى ص ٣٦٢.
(٢) الطرق الحكمية ص ٢٣٩ وما بعدها.