للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على الوارث وعلم قصده، فان قصد التبرع وعلم قصده كان هبة للوارث فلا يلزمه رده، وعبارة الشافعية تتفق فى دلالتها مع مسلك بعض الأحناف من أن مجرد الإباحة لا تفيد تمليكا وإنما هى طريق إليه.

يقول القليوبى فى حاشيته على شرح المنهاج (١): «إن الملك فى الضيافة يترتب عليها بالوضع فى الفم أو بالازدراد على الأصح، ورجح صاحب نهاية المحتاج تبعا للشرح الصغير والمفتى به عندهم أنه يملكه بوضعه فى فمه».

ثم قال: إنه يحل التقاط‍ المنثور فى الأملاك وليمة النكاح، كالسكر واللوز والفلوس، وأن من أخذ من المنثور أو التقط‍ وبسط‍ ثوبه لأجله فوقع فيه ملكه.

وفى حاشية الباجورى (٢) على ابن القاسم والمنهاج وشرحه أيضا (٣).

يجوز للضيف الأكل مما قدم له بلا لفظ‍ من مضيفه اكتفاء بالقرينة العرفية كما فى الشرب من السقايات التي فى الطريق إلا أن ينتظر الداعى غيره أو يكون قبل تمام السفرة، فلا يأكل حتى يحضر أو يأذن المضيف لفظا بخلاف غير ما قدم له فليس له الأكل منه.

ولا يتصرف فيما قدم له بغير الأكل لأنه المأذون فيه عرفا، فلا يطعم منه سائلا ولا هرة إلا بإذن صاحبه أو علم رضاه. نعم، له أن يلقم منه غيره من الأضياف إلا أن يفاضل المضيف الطعام بينهم فليس لمن خص بنوع أن يطعم غيره منه ويملك الضيف ما التقمه بوضعه فى فمه بمعنى أنه إن ازدرده استقر على ملكه، وإن أخرجه من فمه تبين بقاؤه على ملك صاحبه.

ثالثاً - فى الفقه المالكى:

جاء فى حاشية الصاوى على الشرح الصغير للدردير (٤):

«هل الطعام المقدم للضيوف يملكونه بمجرد التقديم أو لا يملكونه إلا بالأكل وعلى كل لا يجوز للواحد من الضيوف أن يعطى أحدا منه شيئا بغير إذن صاحبه بناء على أنه لا يملكه إلا بالأكل أو بغير إذن من بقية أصحابه بناء على ملكهم له بالتقديم فعلى الأول العبرة بإذن بعضهم وعلى الثانى العبرة بإذن صاحب الطعام.

وفى فتاوك عليش (٥): «وسئل سيدى أحمد الدردير عن ذى فرح نثر على حاضريه دراهم فوقع فى حجر رجل منهم دراهم أكثر من غيره فهل يختص بها عن الحاضرين؟ قال: يختص الذى سقط‍ فى حجره الدراهم الزائدة بها.

وينقل القرطبى المالكى (٦) وغيره من المفسرين عند قوله تعالى فى سورة النور:

«وَلا عَلى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا} (٧)»، ينقلون عن أئمة السلف أن الإباحة فى هذه المسائل لا تعدو أن تكون إذنا بالانتفاع القاصر، وأنه لا يجوز للمباح له أن ينقل الطعام إلى الخارج ولو إلى نفسه، هذا وإباحة المنافع كإباحة الأعيان لا تقتضى تمليكا فلا يملك المأذون له الإنابة ولا المعاوضة، وقد


(١) شرح المنهاج ج‍ ٣ ص ١١٠.
(٢) حاشية الباجورى ج‍ ٢ ص ١٣٩.
(٣) المنهاج وشرحه ج‍ ٣ ص ٢٩٨.
(٤) حاشية الصاوى ج‍ ٢ ص ٤٩٠ طبعة الحلبى.
(٥) ج‍ ٢ ص ١٩٦ المطبعة الشرفية.
(٦) تفسير القرطبى ج‍ ١٢ ص ١٥ والفخر الرازى ج‍ ٢٤ ص ٣٦.
(٧) سورة النور: ٦١.