للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والصبى حتى يبلغ، ليس هذا القول بموجب بطلان ما تقدم من عمله، وانما فيه أنهم فى هذه الحال غير مخاطيبين فقط‍، فاذا أفاقوا صاروا على حكمهم الذى كانوا عليه قبل.

ومن أغمى (١) عليه أو جن أو نام قبل الزوال من يوم عرفة فلم يفق ولا استيقظ‍ الا بعد طلوع الفجر من ليلة يوم النحر فقد بطل حجه سواء وقف به بعرفة أو لم يوقف به، وكذلك من أغمى عليه أو جن أو نام قبل أن يدرك شيئا من صلاة الصبح بمزدلفة مع الامام فلم يفق ولا استيقظ‍ الا بعد سلام الامام من صلاة الصبح فقد بطل حجه، فان كانت امرأة فنامت أو جنت أو أغمى عليها قبل أن تقف بمزدلفة فلم تفق ولا انتبهت حتى طلعت الشمس من يوم النحر فقد بطل حجها وسواء وقف بها بمزدلفة أو لم يقف لأن الأعمال المذكورة فرض من فرائض الحج وقد قال الله عز وجل «وَما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ ٢».

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«انما الأعمال بالنيات ولكل امرئ ما نوى» فصح أنه لا يجزئ عمل مأمور به الا بنية القصد اليه مؤدى باخلاص لله تعالى فيه كما أمر الله عز وجل، وكل ما ذكرنا لم يعبد الله فى الأعمال المذكورة مخلصا له الدين بها فلم يأت بها ولا حج لمن لم يأت بها، ولا يجزئ أن يقف به غيره هنالك لقول الله سبحانه وتعالى: «كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ٣». وقوله تعالى:

«وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاّ عَلَيْها وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى ٤».

[مذهب الزيدية]

جاء فى البحر الزخار أن الحج لا يلزم المجنون لرفع القلم عنه، ولا السكران الا أن يميز لقول الله عز وجل «حَتّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ ٥».

والمغمى عليه كالمجنون (٦). ويفعل الرفيق فيمن زال عقله وعرف ما خرج له جميع ما يجب من فعل وترك فينوب عنه فى عقد احرامه وما بعده فيبنى ان أفاق، وان مات محرما بقى حكمه على الخلاف، والمذهب أنه ان كان قد أحرم فكذلك، فان جهل ما أحرم له فكالناس، ولا دم عليه ان مات اذ الأصل البراءة، قال صاحب البحر ولا وجه لتحتمه على الرفيق، بل ندب له معاونته على البر والتقوى (٧). وجاء فى شرح الأزهار أن الوقوف يجزئ على أى صفة كان سواء كان الواقف نائما أم مجنونا أم مغمى عليه أم سكران أم راكبا لمغصوب أو نحو ذلك فان هذه ونحوها لا يفسد بها الوقوف لأن العبرة بالصيرورة وقد صار (٨). ومن حدث له عذر من مرض أو خوف منع من الرمى جاز له أن يستأجر من يرمى عنه من حلال أو محرم فان زال عذره والوقت باق بنى على ما فعل الأجير، ذكر معناه فى الهداية، كمن زال عقله ثم أفاق وفى الذويد يعيد. قال عليه السلام: والقياس يقتضى أن الاستبانة لا تصح الا أن يكون العذر مأيوسا لكن كلام أصحابنا فيمن خرج للحج والحادثة قبله فى اعتبار اليأس وعدمه (٩).

[مذهب الإمامية]

جاء فى مستمسك (١٠) العروة الوثقى أن من أراد أن يحج اذا كان له عذر عن أصل انشاء الاحرام لمرض أو اغماء ثم زال وجب عليه ان يعود الى


(١) المرجع السابق ج‍ ٧ ص ١٩٢، ص ١٩٣ مسئلة رقم ٨٦١ الطبعة السابقة.
(٢) الآية رقم ٩٨ من سورة البينة.
(٣) الآية رقم ٣٨ من سورة المدثر.
(٤) الآية رقم ١٦٤ من سورة الأنعام.
(٥) الآية رقم ٤٣ من سورة النساء.
(٦) البحر الزخار الجامع لمذاهب علماء الأمصار لأحمد ابن يحيى المرتضى ج‍ ٢ ص ٢٨١ الطبعة الأولى طبع مطبعة السعادة بمصر سنة ١٣٦٧ هـ‍ - سنة ١٩٤٨ م.
(٧) المرجع السابق ج‍ ٢ ص ٤٠٠ نفس الطبعة.
(٨) شرح الأزهار فى فقه الأئمة الأطهار لأبى الحسن عبد الله بن مفتاح ج‍ ٢ ص ١٢٠ فى كتاب أسفله الحواشى الطبعة الثانية طبع مطبعة حجازى بمصر سنة ١٣٥٧ هـ‍.
(٩) المرجع السابق ج‍ ٢ ص ١٢٦ والحواشى أسفله نفس الطبعة.
(١٠) مستمسك العروة الوثقى للسيد محسن الطباطبائى الحكيم ج‍ ١٠ ص ٥٩٣، ص ٥٩٤ الطبعة الثانية طبع مطبعة النعمان بالنجف سنة ١٣٨١ هـ‍ - سنة ١٩٦١ م.