للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها» (١) فهو مأمور بأداء أمانته حيث وجبت عليه ويسألها (٢).

ولو أن رب السلم لم يتمكن من استيفاء المسلم فيه لتضييع قبضه أو لاشتغال حتى فات وقته وأصبح معدوما فان صاحب الحق مخير بين أن يصبر حتى يوجد وبين أن يأخذ قيمته لو وجد فى ذلك الوقت من أى شئ تراضيا عليه لقوله تعالى:

«وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ ٣» فحرمة حق صاحب السلم اذا لم يقدر على عين حقه كحرمة مثلها (٤).

[مذهب الزيدية]

قال صاحب البحر الزخار: اذا كان المسلم فيه تمرا أو زبيبا سلم جافا اذ هو المعتاد، وان كان رطبا سلم رطبا لا بسرا أو مذنبا أو مشدخا اذ ليس مثل ذلك برطب وكذلك يقال فى العنب. واذا أسلم فى مكيل سلمه نقيا من التبن والتراب ويعفى عن اليسير فى الكيل أما فى الوزن فلا يعفى فيه عن شئ من ذلك ولو كان يسيرا. وليس له الزيادة على المعتاد فى ايفاء المكيل من زلزلة أو صك أو تلق.

ويجوز لرب السلم وللمسلم اليه أن يتصالحا على مثل رأس المال، ويعتبر من باب الاقالة، اذ هى لا تتجاوز ذلك (٥).

وقال أحمد بن قاسم الصنعانى:

ويصح أن يقوم المسلم اليه بتعجيل المسلم فيه قبل أن يحل أجله المتفق عليه على أن يكون مساويا لما يلزم له قدرا وصفة وألا يخشى رب السلم عليه من ظالم وألا يكون له غرض من تأخيره الى أن يحل أجله.

هذا ويصح أن يتفقا على التعجيل على شرط‍ أن يحط‍ بعض المسلم فيه.

واذا سلم المسلم اليه بعض الذى عليه لم يجب على رب السلم أن يقبله سواء كان الباقى ممكنا تسليمه أو متعذرا فأن رضى صاحب السلم بأن يقبض البعض خير فى الباقى بين أن يفسخ أو أن يصبر حتى يجد الباقى وذلك لأن الاقالة فى السلم تصح اتفاقا فتصح فى بعضه كما تصح فى جميعه.

واذا تراضيا على تسليم أدنى مما شرط‍ فى النوع أو فى الصفة بدون عوض عن النقص جاز بخلاف ما اذا كان التراضى على أن يدفع المسلم اليه عوضا عن النقصان فانه لا يجوز كما


(١) سورة النساء الآية رقم ٥٨.
(٢) المحلى لابن حزم ج ٩ ص ١١٠ مسالة رقم ١٦١٦ الطبعة المتقدمة.
(٣) سورة البقرة الآية رقم ١٩٤.
(٤) المحلى ج ٩ ص ١١٥ مسألة رقم ١٦٢٢.
(٥) البحر الزخار لاحمد بن يحيى بن المرتضى ج‍ ٢ ص ٤٠٨، ص ٤١٠ طبعة مطبعة أنصار السنة المحمدية سنة ١٩٤٨.