للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مطلقا - القدر اللازم لسد رمقه الا أنه اذا خشى من صاحب المال ضربا أو أذى فانه يأخذ على سبيل التخفى تجنبا للأذى الذى قد يناله من صاحب المال.

وأما أن كان المال محرزا: فان ظن أنه يصدق فى دعوى الضرورة - أى كان فى استطاعته اثبات اضطراره - فان له أن يأخذ من هذا المال قدر ما يسد رمقه على أى حال سرا أو جهرا وان ظن عدم تصديقه فى دعواه فان له ان يأخذ هذا القدر أيضا ولكن على سبيل التستر تفاديا للضرر (١) ومع ذلك فان لم تكن للمضطر وسيلة لانقاذ مهجته سوى الأخذ من مال الغير وهو فى حال يخشى معها قطع يده - نظرا لتعذر اثبات اضطراره فانه يباح له أيضا الأخذ من مال الغير لأن حفظ‍ النفس مقدم على حفظ‍ العضو (٢).

[مذهب الشافعية]

جاء فى أسنى المطالب وان بذل الطعام مالكه ولو مضطرا لمضطر آخر، هبة لزمه قبوله لدفعه الهلاك عن نفسه، أو بذله له بثمن المثل فى مكانه وزمانه لزمه شراؤه حتى بازاره المستتر به ويصلى عريانا لأن كشف العورة أخف من أكل الميتة بدليل أنه يجوز أخذ الطعام قهرا بخلاف أخذ ساتر العورة الا أن خشى على نفسه التلف بالبرد فلا يلزمه شراؤه بازاره ولزمه شراؤه فى الذمة ان كان معسرا وان لم يكن له مال فى محل آخر، ويلزم المالك حينئذ البيع فى الذمة والا فالوجه كما قال جماعة جواز البيع بحال، لكن لا يطالبه الا عند قدرته لاعساره فى الحال.

وان امتنع المالك أو ولى الصبى من بذله بعوض لمضطر محترم - وهو أى المالك أو الصبى ومثله المجنون غنى - أثم وان احتاجه فى المآل، لأن فى امتناعه اعانة على قتله، ولأنه لو قدر بنفسه على انقاذ غيره من غرق ونحوه لوجب فكذا بماله وبخلاف المحتاج اليه فى الحال فانه أولى به من غيره ولو مضطرا (٣).

[مذهب الحنابلة]

جاء فى المغنى: اذا اضطر فلم يجد الا طعاما، لغيره نظرنا: فان كان صاحبه مضطرا اليه فهو أحق به ولم يجز لأحد أخذه منه لأنه ساواه فى الضرورة وانفرد بالملك فأشبه غير حال الضرورة. وان أخذه منه فمات


(١) التاج والاكليل لمختصر خليل ج ٣ ص ٢٣٤ هامش الحطاب طبعة سعادة سنة ١٣٢٨ هـ‍.
(٢) حاشية الدسوقى على الشرح الكبير ج ٢ ص ١١٦ طبعة الحلبى.
(٣) أسنى المطالب ج ١ ص ٥٧٢.